الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن فاته الوقوف ) بعذر أو غيره ( بعرفة ) ( تحلل ) فورا أو وجوبا لئلا يصير محرما بالحج في غير أشهره مع كونه لم يتحصل منه على المقصود إذ الحج عرفة كما مر فلو استمر على إثمه ببقاء إحرامه إلى العام القابل لم يجزئه ؛ لأن إحرام سنة لا يصلح لإحرام سنة أخرى قال الأذرعي لا نعلم أحدا قال بالجواز إلا رواية عن مالك رضي الله عنه ثم إن لم يمكنه عمل عمرة تحلل بما مر في المحصر ، وإن أمكنه وجب [ ص: 213 ] وله تحللان أولهما يحصل بواحد من الحلق أو الطواف المتبوع بالسعي إن لم يقدمه وسقط الرمي بفوات الوقوف وثانيهما يحصل ( بطواف وسعي ) بعده ، إن لم يكن سعى بعد القدوم كما في المجموع ( وحلق ) مع نية التحلل بها لما صح عن عمر رضي الله عنه أنه أفتى بذلك فأمر من فاتهم الحج أن يطوفوا ويسعوا وينحروا إن كان معهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا ثم يحجوا من قابل ويهدوا فمن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج أي بعد الإحرام بالقضاء كما مر وسبعة إذا رجع إلى أهله واشتهر ذلك ولم ينكره أحد فكان إجماعا .

                                                                                                                              وأفهم المتن والأثر أنه لا يلزمه مبيت بمنى ولا رمي وما أتى به لا ينقلب عمرة ؛ لأن إحرامه انعقد بنسك فلا ينصرف لغيره وقيل ينقلب ويجزئه عن عمرة الإسلام ( وفيهما ) أي السعي والحلق ( قول ) إنه لا يحتاج إليهما ؛ لأن السعي يجوز تقديمه عقب طواف القدوم فلا دخل له في التحلل والحلق استباحة محظور ( وعليه دم ) ومر الكلام فيه ( و ) عليه إن لم ينشأ الفوات من الحصر ( القضاء ) للتطوع فورا لأثر عمر رضي الله تعالى عنه المذكور بهما ولأنه لا يخلو عن تقصير ومن ثم لم يفرقوا في وجوب الفورية بين المعذور وغيره بخلاف الإحصار .

                                                                                                                              أما الفرض فهو باق في ذمته كما كان من توسع وتضيق كما في الروضة ، وأصلها ، وإن نوزع فيه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 213 ] وله تحللان ( من فاته الوقوف بعرفة ) أولهما إلخ ثم قوله : وثانيهما إلخ ) عبارة شرح الروض قال في المجموع وما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني ، وأما الأول فحصل بواحد من الحلق والطواف المتبوع بالسعي لسقوط حكم الرمي بالفوات فصار كمن رمى ولا يحتاج إلى نية العمرة كما أفهمه كلام المصنف ، وأصله وظاهر أنه يحتاج إلى نية التحلل . ا هـ . وعبارة الشارح في شرح الإرشاد الصغير وتحلله الثاني بفراغه من عمل عمرة والأول بفراغه من بعضها وهو الحلق أو الطواف المتبوع بسعي بقي فإن لم يمكنه عمل عمرة تحلل بما مر في الحصر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وحلق مع نية التحلل بها ) ينبغي عند كل منها إذ ليست عمرة حتى يكتفي لها بنية في أولها ( قوله : لا يلزمه مبيت بمنى ولا رمي ) أي ، وإن بقي وقتهما شرح الروض ( قوله في المتن : وعليه دم ) لو كان عبدا كان واجبه الصوم قال في الروض وشرحه وما لزم أي الرقيق من دم بفعل محظور كاللباس أو بالفوات لا يلزم السيد ولو أحرم بإذنه بل لا يجزيه إذ ذبح عنه لكونه لا يملك شيئا ، وإن ملكه سيده وواجبه الصوم وله منعه منه إن كان يضعف به عن الخدمة أو يناله به ضرر ، ولو أذن له في الإحرام ؛ لأنه لم يأذن له في موجبه لا إن وجب الصوم بتمتع أو قران أذن له فيه فليس له منعه لإذنه في موجبه ، وإن ذبح عنه السيد بعد موته جاز ؛ لأنه حصل اليأس من تكفيره ، والتمليك بعد الموت ليس بشرط ، وإذا عتق العبد قبل صومه وقدر على الدم لزمه الدم اعتبارا بحالة الأداء . ا هـ . ثم قال في شرحه : وإذا نسي وظاهر أن المكاتب يكفر بإذن سيده كالحر ؛ لأنه يملكه وعليه فيجزيه أن يذبح عنه ولو في جناية . ا هـ . فلو لم يأذن السيد فهل يكفر بالصوم كغيره من الرقيق ينبغي أنه كذلك فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : أما الفرض فهو باق في ذمته كما كان من توسع وتضيق كما في الروضة ، وأصلها إلخ ) مشى في شرح المنهج على خلافه حيث قال ، وإعادة أي [ ص: 214 ] وعليه إعادة فورا للحج الذي فاته بفوات الوقوف تطوعا كان أو فرضا كما في الإفساد . ا هـ لكن الذي في الروض وشرحه هو ما ذكر الشارح هذا ما وجد بهامش نسخة شيخنا علامة زمانه وفريد دهره ، وأوانه شهاب الدين أحمد بن قاسم العبادي تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان ، وأسكنه الله بمنه وكرمه فسيح الجنان



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بعذر ) إلى قوله وقيل في النهاية إلا قوله ؛ لأنه إحرام إلى ثم إن لم يمكنه ، وإلى قول المتن وفيهما في المغني إلا قوله ؛ لأن إحرام إلى قال وقوله : ثم إن لم يمكنه إلى وله تحللان ( قوله : بعذر ) أي كضلال طريق ونائي ( قوله : بالجواز ) أي جواز استدامة الإحرام إلى العام القابل حتى يقف فيه مغني ( قوله : ثم إن لم يمكنه إلخ ) ، وإن أحصر بعد الوقوف وتحلل ثم أطلق من إحصاره فأراد أن يحرم ويبني لم يجز البناء كما في الصلاة والصوم نهاية زاد الونائي ، وإن كان الوقت باقيا صح إحرامه ولزمه الاستئناف . ا هـ . ( قوله : بما مر في المحصر ) أي بذبح ثم حلق مع نية التحلل بهما ( قوله : [ ص: 213 ] وإن أمكنه ) وجب أي التحلل بعمل عمرة أي مع نية التحلل كما يأتي ( قوله : أولهما يحصل إلخ ) ثم ( قوله : وثانيهما ) عبارة شرح الروض قال في المجموع وبما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني ، وأما الأول فيحصل بواحد من الحلق والطواف المتبوع بالسعي لسقوط حكم الرمي بالفوات فصار كمن رمى ولا يحتاج إلى نية العمرة كما أفهمه كلام المصنف ، وأصله ، وظاهر أنه يحتاج إلى نية التحلل . انتهت .

                                                                                                                              وعبارة الشارح في شرح الإرشاد الصغير وتحلله الثاني بفراغه من عمل العمرة ، والأول بفراغه من بعضها وهو الحلق أو الطواف المتبوع بسعي بقي فإن لم يمكنه عمل عمرة تحلل بما مر في الحصر . انتهت ا هـ سم .

                                                                                                                              وعبارة الونائي ثم التحلل بعمل عمرة إن أمكنه والمراد عمل عمرة صورة لا حكما ؛ لأن له حينئذ تحللين يحصل أولهما بواحد من الحلق إن كان برأسه شعر والطواف المتبوع بالسعي إن لم يكن سعى بعد القدوم ، وإن لم يكن برأسه شعر فبالطواف بقيده فلو جامع قبل التحلل الأول فسد حجه الفائت وثانيهما بالباقي من أعمال العمرة وهي الطواف والسعي إن لم يتقدم والحلق مع نية التحلل بالثلاثة وله تقديم أي واحد منهما كما في الحاشية خلافا للمختصر . ا هـ . وبما ذكر يعلم أن ما يوهمه صنيع الشارح من وجوب تكرر الحلق أو الطواف المتبوع بالسعي غير مراد ( قوله : مع نية التحلل بها ) ينبغي عند كل منها أي الثلاثة إذ ليست عمرة حتى يكتفي لها بنية في أولها سم ولا يحتاج إلى نية العمرة نهاية ( قوله : ويهدوا ) بضم الياء من باب الأفعال ع ش ( قوله : فكان إجماعا ) أي سكوتيا ( قوله : لا يلزمه مبيت بمنى إلخ ) أي ، وإن بقي وقتهما شرح روض ونهاية ( قوله : ولا رمي ) ويقال أيضا إنه إذا لم يكن برأسه شعر أنه يسقط عنه الحلق ويصير تحلله بالطواف أي المتبوع بالسعي إن لم يقدمه فقط مغني قول المتن ( وعليه دم إلخ ) ولو كان عبدا كان واجبه الصوم سم ( قوله : ومر الكلام إلخ ) أي مر قبيل باب الإحصار أنه كدم التمتع في الترتيب والتقدير وسائر أحكامه ( قوله : إن لم ينشأ الفوات إلخ ) سيذكر محترزه قول المتن ( والقضاء ) أي بمعناه اللغوي وهو الأداء نهاية عبارة المغني فإن قيل كيف توصف حجة الإسلام بالقضاء ولا وقت لها أجيب بأنه لما أحرم بها تضيق وقتها كما تقدم ذلك في الإفساد وتقدم ما فيه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فورا ) كذا في النهاية والمغني ( قوله : ومن ثم لم يفرقوا في وجوب الفورية إلخ ) أي ، وإنما يفترقان في الإثم فقط مغني ( قوله : بخلاف الإحصار ) هو مقابل لقوله ولأنه لا يخلو عن تقصير ش ا هـ سم ( قوله : أما الفرض إلخ ) هو مقابل قوله قبل للتطوع سم ( قوله : فهو باق في ذمته كما كان إلخ ) وفاقا للروض وخلافا لصريح شرح المنهج والمغني ولإطلاق النهاية [ ص: 214 ] عبارة سم قوله : كما كان من توسع إلخ مشى في شرح المنهج على خلافه حيث قال وعليه إعادة فورا للحج الذي فاته بفوات الوقوف تطوعا كان أو فرضا كما في الإفساد . انتهى . لكن الذي في الروض وشرحه هو ما ذكره الشارح . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية