الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : أجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بالكفر ، يدل عليه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنا روينا أن بلالا صبر على ذلك العذاب ، وكان يقول : أحد أحد . روي أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه ، مع أنه كان بقلبه مصرا على الإيمان ، منهم : عمار ، وأبواه ياسر وسمية ، وصهيب ، وبلال ، وخباب ، وسالم ، عذبوا ، فأما سمية فقيل : ربطت بين بعيرين ووخزت في قبلها بحربة وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال ، وقتلت ، وقتل ياسر ، وهما أول قتيلين قتلا في الإسلام ، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها ، فقيل : يا رسول الله ، إن عمارا كفر ، فقال : كلا إن عمارا مليء إيمانا من فرقه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه ويقول : "ما لك ؟ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت " ، ومنهم جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر ، ثم أسلم مولاه وأسلم ، وحسن إسلامهما وهاجرا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قوله : ( إلا من أكره ) ليس باستثناء ؛ لأن المكره ليس بكافر فلا يصح استثناؤه من الكافر ، لكن المكره لما ظهر منه بعد الإيمان ما مثله يظهر من الكافر طوعا صح هذا الاستثناء لهذه المشاكلة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية