الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( من مخرجيه أو ثقبة تحت المعدة إن انسدا وإلا فقولان )

                                                                                                                            ش : هذا متعلق بقوله : الخارج ، يعني الحدث هو الخارج المعتاد في الصحة من المخرجين ، يعني القبل والدبر ثم نبه على أنه ينزل منزلة ذلك إذا انفتح لخروج الحدث ثقبة تحت المعدة وانسد المخرجان هكذا نقل في التوضيح عن ابن بزيزة ونحوه لصاحب الطراز وقوله ، وإلا فقولان يدخل ثلاث صور الأولى أن ينسد المخرجان وتكون الثقبة فوق المعدة ، الثانية أن لا ينسد أو تكون فوق المعدة أيضا ، الثالثة أن لا ينسد أيضا وتكون الثقبة تحت المعدة وهكذا حكى في التوضيح عن ابن بزيزة والذي يظهر من كلام صاحب الطراز ترجيح عدم النقض وأنه الجاري على المذهب ولم يذكر في ذلك خلافا فإنه قال في أوائل باب أحكام النجاسة : إن لم ينسد المخرجان فلا وضوء ; لأنه خارج من غير المخرج المعتاد خلافا لأبي حنيفة واختلف أصحاب الشافعي على قولين والمشهور منهما عدم النقض ، ثم قال : وإن كان المخرج المعتاد منسدا وكان الفتح في المعى الأسفل ودون المعدة فهذا ينقض وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وإن كان الفتح فوق المعدة فاختلف هاهنا أصحاب الشافعي فقال [ ص: 294 ] المزني : لا وضوء فيه ، وقال بعضهم : فيه الوضوء ، والأول أظهر فإن ما يخرج من فوق المعدة لا يكون على نعت ما يكون من أسفلها ، انتهى مختصرا .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) هل يكفي في هذه الثقبة المنفتحة الاستجمار ؟ تقدم الكلام على ذلك في فصل قضاء الحاجة .

                                                                                                                            ( الثاني ) قوله : ثقبة بالثاء المثلثة المضمومة وسكون القاف ثم موحدة ( والمعدة ) بفتح الميم وكسر العين ، ونقل أيضا معدة بكسر الميم وسكون العين ، قاله في الصحاح وهو موضع الطعام قبل أن ينحدر إلى الأمعاء وهي بمنزلة الكرش للحيوان وجمعها معد بكسر الميم وفتح العين كذا قال في التسهيل ، وقاله الدميري في شرح المنهاج ورأيت في بعض شروح الشافية لابن الحاجب في التصريف أن جمعها معد بفتح الميم وكسر العين . قلت وهذا ليس بجمع فإنه ليس من أوزان الجمع وإنما هو اسم جمع نحو نبق ونبقة فتأمله . قال الدميري في شرح المنهاج وادعى النووي أن المراد بالمعدة السرة قال : وحكم المنفتح في السرة وما حاذاها حكم ما فوقها قال الدميري : والمعروف أنها المكان المنخسف تحت الصدر إلى السرة كذا ذكره الفقهاء والأطباء واللغويون انتهى . قلت ولم أقف للمالكية في ذلك على شيء والظاهر أنه لا يختلف في ذلك فتأمله ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( الثالث ) إذا خرج القيء بصفة المعتاد فإن كان ذلك نادرا لم ينتقض الوضوء بلا خلاف وإن صار ذلك عادة له فحكى ابن الحاجب في ذلك قولين قال ابن عبد السلام : والأظهر أنه إن انقطع خروج الحدث من محله وصار موضع القيء محلا له وجب الوضوء فإن كان خروجه من محله أكثر لم يجب ، انتهى . ونقله في التوضيح وقال : قوله بصفة المعتاد أي بصفة من صفاته لا بكل الصفات انتهى . قلت أما إذا انسد المخرجان فالظاهر أن حكمه حكم الثقبة وإن لم ينسدا ففيه القولان ، والظاهر عدم النقض حينئذ

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية