الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني:

                                359 366 - حدثنا عاصم بن علي: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما يلبس المحرم؟ فقال: " لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا ثوبا مسه زعفران أو [ ص: 178 ] ورس، فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين " .

                                وعن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم - مثله.

                                التالي السابق


                                القائل: " عن نافع " هو ابن أبي ذئب ، وقد سبق الحديث عنه بالوجهين - أيضا - في آخر " كتاب العلم ".

                                والمقصود من تخريج هذا الحديث في هذا الباب: أنه يدل على أن لبس ما ذكر فيه من اللباس كان متعارفا بينهم، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم ونهى المحرم عن لبسه، ففيه إقرار لغير المحرم على لباسه، وقد سبق من كلام الإمام أحمد : استدلاله به على لباس السراويل.

                                وإذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم أمته على لبس هذه الثياب في غير الإحرام، فهو إقرار لهم على الصلاة فيها، ولو كان ينهى عن الصلاة في شيء منها لبين لهم ذلك.

                                وقد ورد النهي عن الصلاة في السراويل في حديث رواه الحسين بن وردان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي في السراويل .

                                خرجه الطبراني والعقيلي ، وقال: لا يتابع حسين عليه، ولا يعرف إلا به.

                                ولو صح لحمل على الاقتصار على السراويل في الصلاة مع تجريد المنكبين، يدل على ذلك: ما رواه أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في لحاف لا يتوشح به ، والآخر أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء.

                                [ ص: 179 ] خرجه أبو داود .

                                وخرجه الطبراني والعقيلي ، ولفظه: نهى أن يصلي الرجل في السراويل الواحد، ليس عليه شيء غيره .

                                وخرجه ابن عدي ، ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ملبسين: أحدهما: المصلي في ثوب واحد لا يتوشح به، وأما الآخر: أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء .

                                وأبو المنيب ، وثقه ابن معين وغيره. وقال البخاري : عنده مناكير، وقال ابن عدي : عندي أنه لا بأس به. وقال العقيلي في هذا الحديث -: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.

                                وقد روي عن عمر ، أنه كتب إلى بعض جنوده: إذا رجعتم من غزاتكم هذه فألقوا السراويل والأقبية، والبسوا الأزر والأردية.

                                وهو محمول على أن لباس العرب المعهود بينهم أفضل من لباس العجم، فخشي على من رجع من بلاد العجم أن يستمروا على لباس العجم، فربما هجر لباس العرب بالكلية. ولهذا روي عنه أنه قال: إياكم وزي الأعاجم، ويدل على هذا: أنه قد رخص في الصلاة في السراويل والأقبية، كما خرجه البخاري عنه.



                                الخدمات العلمية