الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير

عطف على جملة ويعفو عن كثير ، وهو احتراس ، أي يعفو عن قدرة فإنكم لا تعجزونه ولا تغلبونه ولكن يعفو تفضلا .

والمعجز : الغالب غيره بانفلاته من قبضته .

والمعنى : ما أنتم بفالتين من قدرة الله . والخطاب للمشركين .

[ ص: 104 ] والمعنى : أن الله أصابكم بمصيبة القحط ثم عفا عنكم برفع القحط عنكم وما أنتم بمفلتين من قدرة الله إن شاء أن يصيبكم ، فهو من معنى قوله : إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ، وقول النبيء صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان حين دعا برفع القحط عنهم تعودون بعد وقد عادوا فأصابهم الله ببطشة بدر قال : يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون .

وتقييد النفي بقوله : في الأرض لإرادة التعميم ، أي في أي مكان من الأرض لئلا يحسبوا أنهم في منعة بحلولهم في مكة التي أمنها الله تعالى ، وذلك أن العرب كانوا إذا خافوا سطوة ملك أو عظيم سكنوا الجهات الصعبة ، كما قال النابغة ذاكرا تحذيره قومه من ترصد النعمان بن المنذر لهم وناصحا لهم :


إما عصيت فإني غير منفلـت مني اللصاب فجنبا حرة النـار     أو أضع البيت في صماء مضلمة
من المظالم تـدعـى أم صـبار     تدافع الناس عنا حين نركبهـا
تقيد العير لا يسري بها الساري



وجيء بالخبر جملة اسمية في قوله : وما أنتم بمعجزين للدلالة على ثبات الخبر ودوامه ، أي نفي إعجازهم ثابت لا يتخلف فهم في مكنة خالقهم .

ولما أفاد قوله : وما أنتم بمعجزين في الأرض أن يكون لهم منجى من سلطة الله بنفي أن يكون لهم ملجأ يلجأون إليه لينصرهم ويقيهم من عذاب الله فقال : وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير أي ليس لكم ولي يتولاكم فيمنعكم من سلطان الله ولا نصير ينصركم على الله إن أراد إصابتكم فتغلبونه ، فجمعت الآية نفي ما هو معتاد بينهم من وجوه الوقاية .

و من دون الله ظرف مستقر هو خبر ثان عن ( ولي ونصير ) ، والخبر الأول هو لكم . وتقديم الخبرين للاهتمام بالخبر ولتعجيل بأسهم من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية