الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله سبحانه: ولئن سألتهم إلخ، معترض لتوكيد معنى الآيتين، وتعريض بأن الذين اعتمدتم عليهم في الرزق مقرون بقدرتنا وبقوتنا كقوله تعالى: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين [الذاريات: 58] قاله العلامة الطيبي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال صاحب الكشف قدس سره: اعترض ليفيد أن الخالق هو الرزاق، وأن من أفاض ابتداء وأوجد أولى أن يقدر على الإبقاء، وأكد به ما ضمن في قوله عز وجل: وعلى ربهم يتوكلون .

                                                                                                                                                                                                                                      ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله معترفين بأنه عز وجل الموجد للممكنات بأسرها أصولها وفرعها، ثم إنهم يشركون به سبحانه بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شيء ما أصلا قل الحمد لله على إظهار الحجة واعترافهم بما يلزمهم، وقيل: حمده عليه الصلاة والسلام على العصمة مما هم عليه من الضلال حيث أشركوا مع اعترافهم بأن أصول النعم وفروعهما منه جل جلاله، فيكون كالحمد عند رؤية المبتلى، وقيل: يجوز أن يكون حمدا على هذا وذاك بل أكثرهم لا يعقلون ما يقولون، وما فيه من الدلالة على بطلان الشرك وصحة التوحيد، أو لا يعقلون شيئا من الأشياء، فلذلك لا يعملون بمقتضى قولهم هذا، فيشركون به سبحانه أخس مخلوقاته، قيل: إضراب عن جهلهم الخاص في الإتيان بما هو حجة عليهم إلى أن ذلك لأنهم مسلوبو العقول، فلا يبعد عنهم مثله، وقوله تعالى: ( قل الحمد لله ) معترض، وجعله الزمخشري في سورة لقمان إلزاما وتقريرا لاستحقاقه تعالى العبادة، وقيل: ( لا يعقلون ) ما تريد بتحميدك عند مقالهم ذلك، ولم يرتضه بعض المحققين لخفائه وقلة جدواه، وتكلف توجيه الإضراب فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية