الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          " وهل يعتد بأذان الفاسق ، والأذان الملحن " .

                                                                                                                          قال ابن سيده في " المحكم " : الفسق : العصيان ، والترك لأمر الله تعالى والخروج عن طريق الحق ، يقال : فسق يفسق ويفسق فسقا وفسوقا ، وفسق بالضم عن اللحياني ، وقيل الفسوق : الخروج عن الدين . آخر كلامه .

                                                                                                                          والفاسق شرعا : من فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر ، كذا نص عليه [ ص: 52 ] المصنف رحمه الله في " الكافي " والكبيرة : ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة ، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وللعلماء فيه ثلاثة عشر قولا ، يطول ذكرها . والأذان الملحن : الذي فيه تطريب ، قال الجوهري : وقد لحن في قراءته إذا طرب بها وغرد .

                                                                                                                          " فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله " .

                                                                                                                          في إعرابها خمسة أوجه : بناء الأول على الفتح ورفعه بالتنوين ، فمع بناء الأول يجوز رفع الثاني ونصبه منونين وبناؤه ، ومع رفع الأول يجوز رفع الثاني وبناؤه ، ويمتنع نصبه ؛ لأنه لا وجه له .

                                                                                                                          قال الخطابي : معنى " لا حول ولا قوة إلا بالله " : إظهار الفقر وطلب المعونة منه على كل ما يزاوله من الأمور ؛ أي يعالجه وهو حقيقة العبودية .

                                                                                                                          وقال ابن الأنباري : الحول معناه في كلام العرب الحيلة ، يقال : ما للرجل حول وما له احتيال ، وما له محالة وما له محال بمعنى واحد ، يريد أنه لا حيلة له في دفع شيء ، ولا قوة له من درك خير إلا بالله ، ومعناه : التبرؤ من حول نفسه ومن قوته .

                                                                                                                          وقال أبو هيثم الرازي : قوله : لا حول أصله : من حال الشيء إذا تحرك تقول : لا حركة ولا استطاعة إلا بالله ، وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في تفسير " لا حول ولا قوة إلا بالله " : لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته ، قال الخطابي : هذا أحسن ما جاء فيه ، ويقال : لا حيل ولا قوة لغة حكاها الجوهري ، ويقال : الحوقلة والحولقة ، والأول : أكثر في كلامهم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية