الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 86 ] ( وإذا وطئ المرتد جارية نصرانية كانت له في حالة الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه ، وإن كانت الجارية مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب ) أما صحة الاستيلاد فلما قلنا ، وأما الإرث فلأن الأم إذا كانت نصرانية والولد تبع له لقربه إلى الإسلام للجبر عليه فصار في حكم المرتد والمرتد لا يرث المرتد ، أما إذا كانت مسلمة فالولد مسلم تبعا لها ; لأنها خيرهما دينا والمسلم يرث المرتد .

التالي السابق


( قوله : وإذا وطئ المرتد جارية نصرانية ) أو يهودية ( كانت له في حالة الإسلام فجاءت بولد لستة أشهر أو أكثر ) ولو إلى عشر سنين ( منذ ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر ، وهو ابنه ) وثبت لأمه حق أمية الولد ( ولا يرثه ، فإن كانت الجارية مسلمة ورثه الابن إن مات ) المرتد ( على ردته ، أو لحق بدار الحرب . أما صحة الاستيلاد من المرتد فلما قلنا ) إنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك حتى صح استيلاد الأب جارية الابن والعبد المأذون جارية من تجارته ذكره أبو الليث في شرح الجامع الصغير . ( وأما أنه لا يرثه ; فلأن الأم إذا كانت ) يهودية أو ( نصرانية يجعل الولد تبعا للمرتد لا لأمه ) لقرب المرتد إلى الإسلام للجبر عليه ، والظاهر أنه لا يؤثر القتل على العود ( فصار الولد في حكم المرتد ، والمرتد لا يرث المرتد ) ولا غيره .

( وأما إذا كانت ) الأمة ( مسلمة فالولد مسلم تبعا لها ; لأنها خيرهما دينا . والمسلم يرث المرتد ) ولا يقال : لم لم يجعل تبعا للدار فيما إذا كانت الأم نصرانية ; لأنه إنما يجعل تبعا للدار إذا لم يكن معه أحد أبويه بأن يسبى وليس معه أحدهما أو يلتقط في دار الإسلام ، ولا يظن أن هذا ينتقض بما إذا ارتد الأبوان المسلمان ولهما ولد صغير ولد قبل ردتهما ، فإنه يبقى مسلما مع وجودهما ; لأن الحكم بإسلامه في هذه الصورة ليس لتبعية الدار بل ; لأنه كان حين ولد مسلما فيبقى على ما كان عليه ، بخلاف مسألة الكتاب ; لأنه لم يسبق للولد حكم الإسلام إذا لم يوجد في زمن إسلامهما ، وتقييد المسألة بما إذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا احترازا عما إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر ، فإنه يرثه إذا مات أو لحق أو قتل على ردته ; وذلك للتيقن بحصول العلوق في حالة إسلام أبيه المرتد فكان الولد مسلما ، والمسلم يرث المرتد .

وفي الفوائد الظهيرية ما ذكر في الكتاب أن الإرث يستند إلى حالة الإسلام فيكون توريث المسلم من المسلم فيما اكتسبه في حالة الردة يضعف بهذه المسألة ; لأن الولد يعني ولد الأمة المسلمة هناك لم يكن موجودا حال الإسلام ، ومع هذا يرث ، فعلم أن الصحيح ما رواه محمد عن أبي حنيفة أن من كان وارثا عند موته سواء كان موجودا وقت الردة أو حدث بعدها . انتهى .

وقد قدمنا أنه أصح من قول شمس الأئمة ، وعلى هذا فيكون تخصيصا لقوله صلى الله عليه وسلم { لا يرث المسلم الكافر } بالكافر الأصلي ، إلا أنه [ ص: 87 ] محتاج إلى دليل التخصيص . ويمكن كونه دلالة الإجماع على إرث المسلمين ماله إذا لم يكن له وارث ; لأن ذلك لإسلامهم على ما قدمناه فارجع إليه ، وهذا كله بناء على كونه إذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر يحكم بأن العلوق بعد الردة . والوجه أنه متى جاءت به أمته النصرانية لمدة يتصور العلوق فيها في حالة الإسلام يجب أن يعتبر العلوق فيها ، وهذا يمكن إذا جاءت به لأقل من سنتين بلحظة ; لأنه أحوط للحكم بالإسلام ; لأنه على هذا الاعتبار يعلق مسلما ويرثه ، وإن كان خلاف المذهب كالذي جاءت به لأقل من ستة أشهر ، إلا أن على هذا لو جاءت به ; لتمام سنتين فصاعدا لا يرث .




الخدمات العلمية