الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 87 ] ( وإذا لحق المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر على ذلك المال فهو فيء ، فإن لحق ثم رجع وأخذ مالا وألحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال فوجدته الورثة قبل القسمة رد عليهم ) ; لأن الأول مال لم يجر فيه الإرث ، والثاني انتقل إلى الورثة بقضاء القاضي بلحاقه فكان الوارث مالكا قديما .

التالي السابق


( قوله : وإذا لحق المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر ) المسلمون ( على ذلك المال فهو فيء ) بإجماع الأئمة الأربعة ، وإنما يخالف الأئمة الثلاثة فيما كان في دار الإسلام من الباقي من ماله على ما تقدم أنه عندهم محفوظ له إلى أن يظهر موته فيصير فيئا . ولا يشكل كون ماله فيئا دون نفسه ، فإن مشركي العرب كذلك ( وإن لحق ثم رجع وأخذ مالا وألحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال ) فحكم الورثة فيه حكم مالك مال استولى عليه الكفار ثم ظهر عليه فوجده مالكه وهو أنهم ( إن وجدوه قبل القسمة رد عليهم ) وإن وجدوه بعدها أخذوه بقيمته إن شاءوا ولو كان مثليا ، فقد تقدم أنه لا يؤخذ لعدم الفائدة .

ثم جواب هذا الكتاب أعني الجامع الصغير وهو ظاهر الرواية لا يفصل بين أن يكون عوده وأخذه المال بعد القضاء بلحاقه أو قبله ، أما إذا كان بعد القضاء باللحاق فظاهر ; لأنه تقرر الملك للورثة ثم استولى عليه الكافر وأحرزه بدار الحرب . وأما إذا عاد قبله كان عوده وأخذه ولحاقه ثانيا يرجح جانب عدم العود ويؤكده فيقرر موته ، وما احتيج إلى القضاء باللحاق لصيرورته ميراثا إلا ليترجح عدم عوده فيتقرر إقامته ثمة فيتقرر موته فكان رجوعه وأخذه ثم عوده ثانيا بمنزلة القضاء . وفي بعض روايات السير جعله فيئا ; لأن بمجرد اللحاق لا يصير المال ملكا للورثة . والوجه ظاهر الرواية .




الخدمات العلمية