الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 240 ] الحجاجي

                                                                                      الإمام الحافظ الناقد المقرئ المجود شيخ خراسان أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجاج الحجاجي النيسابوري ، صدر المقرئين والمحدثين .

                                                                                      مولده في سنة خمس وثمانين ومائتين .

                                                                                      وسمع ببغداد من عمر بن أبي غيلان ، ومحمد بن جرير ، والباغندي ، والبغوي ، وطبقتهم . وبنيسابور أبا بكر بن خزيمة ، وأبا العباس الثقفي ، وأقرانهما ، وبالري أحمد بن جعفر وطبقته ، وبمصر علان بن الصيقل ، ونحوه ، وبالشام أبا الجهم بن طلاب ، وأبا الحسن بن جوصا ، ومحمد بن يوسف الهروي ، وبالجزيرة أبا عروبة الحراني ، وبالكوفة علي بن العباس المقانعي والموجودين .

                                                                                      وجمع وصنف ، وصحح وعلل ، وبعد صيته .

                                                                                      حدث عنه : أبو علي الحافظ ، وأبو بكر بن المقرئ ، وهما أكبر منه قليلا ، وأبو عبد الله بن منده ، وأبو عبد الله الحاكم ، وأبو حازم العبدوي ، وأبو بكر البرقاني ، وطائفة سواهم .

                                                                                      قال الحاكم : هو أبو الحسين الحجاجي ، ذكرت في " تاريخ النيسابوريين " مناقب جدهم إسماعيل بن الحجاج ، وكان من أصحاب إسحاق الحنظلي ، وذكرت مناقب يعقوب بن إسماعيل ، وكان من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي ، واسم جدهم الحجاج بن الجراح .

                                                                                      [ ص: 241 ] قال : فأما أبو الحسين فإنه كان من الصالحين المجتهدين بالعبادة ، قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد ، ثم سرد شيوخه ، ثم قال : صنف العلل والشيوخ والأبواب ، وكان يمتنع وهو كهل عن الرواية ، فلما بلغ الثمانين لازمه أصحابنا الليل والنهار ، حتى سمعوا كتاب " العلل " وهو نيف وثمانون جزءا ، والشيوخ وسائر المصنفات ، صحبته نيفا وعشرين سنة بالليل والنهار ، فما أعلم أن الملك كتب عليه خطيئة ، وكنت أسمع أبا علي الحافظ غير مرة ، يقول : " لم يجئ عفان " و " قلت لعفان " " وقال لي عفان " يريد به أبا الحسين ، يلقبه بذلك لحفظه وإتقانه وفهمه ، ولعمري إنه عفان ، فإن فهمه كان يزيد على حفظه .

                                                                                      وحدثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه قال : حدثني أبو الحسين بن يعقوب وهو أثبت من حدثتكم عنه اليوم ، أخبرنا الأصبغ بن خالد القرقساني أن عثمان بن يحيى القرقساني حدثهم ، حدثنا مؤمل ، حدثنا إبراهيم بن يزيد ، أخبرنا عمرو بن دينار ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : ما غبطت نفسي بمجلس ساعة كمجلس جلسته إلى حجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتظر لصلاة الصبح ، ورهط بناحية يمترون في القرآن ، حتى علت أصواتهم ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مغضبا ، فقال في طرف ثوبه على وجهه : يا أيها الناس إنما هلكت الأمم قبلكم على مثل هذا ، وإنما نزل الكتاب يصدق بعضه بعضا ، ولم ينزل يكذب بعضه بعضا ، فما استنص لكم منه فاعرفوه ، وما اشتبه عليكم فردوا علمه إلى الله عز وجل .

                                                                                      [ ص: 242 ] قال الحاكم : ثم سألت أبا الحسين عنه ، فحدثني به . وقال الحاكم أيضا في " تاريخه " : أبو الحسين الحجاجي ، العبد الصالح الصدوق الثبت ، كان يمتنع عن الرواية وهو كهل ، وسمعت أبا علي الحافظ يقول : ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي الحسين .

                                                                                      قال الحاكم : توفي في خامس ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة .

                                                                                      أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا عبد الله بن اللتي ، أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا أبو إسماعيل ، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ ، أخبرنا محمد بن محمد الحجاجي ، أخبرنا سعيد بن هاشم ، حدثنا دحيم ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بعثت بين يدي الساعة بالسيف ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم .

                                                                                      أخبرنا بلال المغيثي بمصر ، أخبرنا عبد الوهاب بن رواج ، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ ، أخبرنا القاسم بن الفضل ، حدثنا محمد بن الحسين السلمي إملاء ، حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ ، حدثنا أيوب [ ص: 243 ] بن سليمان البزاز ، حدثنا جعفر بن نوح ، حدثنا محمد بن عيسى ابن الطباع ، حدثنا عبثر بن القاسم ، عن العلاء بن ثعلبة ، عن طاوس ، عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .

                                                                                      هذا حديث غريب تفرد به العلاء هذا ، وهو مجهول .

                                                                                      وممن مات معه في سنة ثمان وستين مسند الوقت أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد ، وشيخ النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي ، ومسند دمشق أبو علي الحسين بن أبي الزمزام الفرضي ، والحافظ أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني ، الآبندوني .

                                                                                      ومقرئ بغداد أبو القاسم عبد الله بن الحسن ابن النخاس بمعجمة ، والقاضي عيسى بن حامد الرخجي ، ببغداد ، والمعمر محمد بن عبيدون الأندلسي آخر من روى عن محمد بن وضاح ، وراوي صحيح مسلم أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ، بنيسابور ، والمسند أبو حاتم محمد بن يعقوب بن إسحاق الهروي ، وصاحب الموصل أبو تغلب الغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان التغلبي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية