الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وصول التتر إلى الري وهمذان

سنة سبع عشرة وستمائة وصل التتر ، لعنهم الله ، إلى الري في طلب خوارزم شاه محمد ، لأنهم بلغهم أنه مضى منهزما منهم نحو الري ، فجدوا السير في أثره ، وقد انضاف إليهم كثير من عساكر المسلمين والكفار ، وكذلك أيضا من المفسدين من يريد النهب والشر ، فوصلوا إلى الري على حين غفلة من أهلها ، فلم يشعروا بهم إلا وقد وصلوا إليها ، وملكوها ، ونهبوها ، وسبوا الحريم ، واسترقوا الأطفال ، وفعلوا الأفعال التي لم يسمع بمثلها ، ولم يقيموا ، ومضوا مسرعين في طلب خوارزم شاه ، فنهبوا في طريقهم كل مدينة وقرية مروا عليها ، وفعلوا في الجميع أضعاف ما فعلوا في الري ، وأحرقوا ، وخربوا ووضعوا السيف في الرجال والنساء والأطفال ، فلم يبقوا على شيء .

وتموا على حالهم إلى همذان ، وكان خوارزم شاه قد وصل إليها في نفر من أصحابه ، ففارقها وكان آخر العهد به ، فلا يدرى ما كان منه فيما حكاه بعضهم عنه ، وقيل غير ذلك ، وقد ذكرناه .

فلما قاربوا همذان خرج رئيسها ومعه الحمل من الأموال والثياب والدواب وغير ذلك ، يطلب الأمان لأهل البلد ، فأمنوهم ، ثم فارقوها وساروا إلى زنجان ففعلوا أضعاف ذلك ، وساروا ووصلوا إلى قزوين ، فاعتصم أهلها منهم بمدينتهم ، فقاتلوه ، وجدوا في قتالهم ، ودخلوها عنوة بالسيف ، فاقتتلوا هم وأهل البلد في باطنه ، حتى صاروا يقتتلون بالسكاكين ، فقتل من الفريقين ما لا يحصى ، ثم فارقوا قزوين ، فعد القتلى من أهل قزوين ، فزادوا على أربعين ألف قتيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية