الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: صلاة العيدين ركعتان جهرا

                                                                                                                                                                                        صلاة العيدين ركعتان جهرا، يستفتح الأولى بسبع تكبيرات قبل القراءة، والثانية بخمس إذا استوى قائما قبل القراءة سوى التكبيرة التي يقوم بها من الثانية.

                                                                                                                                                                                        قال أشهب في كتاب محمد: وإن كبر الإمام في الأولى أكثر من سبع وفي الثانية أكثر من خمس لم يتبع، ومن نسي التكبير من الأولى أو الثانية حتى قرأ فإن لم يركع عاد إلى التكبير وأعاد القراءة، قال مالك: ويسجد لسهوه بعد السلام، وقد قيل في هذا: الأصل لا سجود عليه; لأنه زيادة قرآن، فإن لم يذكر حتى ركع مضى على صلاته وسجد قبل السلام، إلا أن يكون مأموما فلا [ ص: 636 ] يسجد; لأن الإمام يحمل ذلك عنه.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن دخل مع الإمام وهو في القراءة، هل يقضي التكبير والإمام في القراءة؟ فقال ابن وهب: يكبر واحدة، وقال ابن الماجشون في المبسوط، وابن القاسم في العتبية: إن أدركه قائما في الأولى كبر سبعا، وإن وجده راكعا كبر واحدة ولا شيء عليه، وإن أدركه بعد أن رفع من ركوع الأولى- قضى بعد سلام الإمام ركعة يكبر فيها سبعا، وإن وجده قائما يقرأ في الثانية كبر معه خمسا، وإن وجده جالسا فأحرم وجلس ثم سلم الإمام قام فصلى ركعتين يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا، وقال أيضا: يكبر في الأولى ستا، مثل قوله في المدونة.

                                                                                                                                                                                        ورأى ابن وهب أن التكبير كالقراءة يسبق بها الإمام، فإنها لا تقضى; لأنها أقوال من الإمام بخلاف الأفعال، ولأن الإمام إمام في التكبير أيضا; لأنه لا يكبر تكبيرة من السبع وغيرها إلا بعد تكبير الإمام، ورأى ابن القاسم أن التكبير بخلاف القراءة; لأن المأموم عند قراءة الإمام ساكت، وهذا يكبر معه فافترقا. [ ص: 637 ]

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا وجده في الثانية هل يكبر خمسا أو سبعا؟ فعلى القول الأول أن ما أدرك آخر صلاته يكبر خمسا ويقضي سبعا، وعلى القول أن الذي أدرك أولها، يكبر سبعا ويقضي خمسا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في رفع اليدين في التكبير، فقال مالك في المدونة: يرفع في الأولى، وروى عنه ابن كنانة ومطرف: أنه يستحب الرفع في جميع التكبير، وقال في المجموعة: وليس رفع اليدين مع كل تكبيرة سنة، ولا بأس على من فعله.

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك: ويقرأ بـ والشمس وضحاها ، وبـ سبح ونحوهما، وفي الموطأ وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الفطر والأضحى، بـ ق ، و اقتربت الساعة ، واستحب ذلك ابن حبيب، والأول أرفق بالناس اليوم، وليس الناس اليوم في النية والخير على ما كانت عليه الصحابة، وقد أطال معاذ بقومه الصلاة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أفتان أنت يا معاذ" [ ص: 638 ] وأنكر عليه التطويل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية