الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومن هذا القبيل جناية الحائط المائل إذا سقط على رجل فقتله ، أو على متاع ، فأفسده ، أو على دار فهدمها أو على حيوان فعطب به ، وجملة الكلام فيه : أن الحائط لا يخلو : إما أن بني مستويا مستقيما ثم مال ( وإما ) إن بني مائلا من الأصل ، فإن بني مستقيما ثم مال فميلانه لا يخلو : إما أن يكون إلى الطريق .

                                                                                                                                ( وإما ) أن يكون إلى ملك إنسان ، فإن كان إلى الطريق لا يخلو : من أن يكون نافذا ، وهو طريق العامة أو غير نافذ ، وهو السكة التي ليست بنافذة ، فإن كان نافذا فسقط فعطب به شيء مما ذكرنا يجب الضمان على صاحب الحائط إذا وجد شرائط وجوبه ، فيقع الكلام في سبب وجوب الضمان ، وفي بيان شرائط الوجوب ، وفي بيان ما هية الضمان الواجب وكيفيته ( أما ) الأول : فسبب وجوب الضمان هو التعدي بالتسبيب إلى الإتلاف بترك النقض المستحق مع القدرة على النقض ; لأنه إذا مال إلى طريق العامة فقد حصل الهواء في يد صاحب الحائط من غير فعله ، وهو الطريق حق العامة كنفس الطريق فقد حصل حق الغير في يده بغير صنعه ، فإذا طولب بالنقض فقد لزمه إزالة يده عنه بهدم الحائط ، فإذا لم يفعل مع الإمكان ، فقد صار متعديا باستبقاء يده عليه كثوب هبت به الريح فألقته في دار إنسان فطولب به فامتنع من الرد مع إمكان الرد حتى هلك - يضمن لما قلنا ، كذا هذا ، وقد روي عن جماعة من التابعين مثل الشعبي وشريح وإبراهيم وغيرهم - رحمهم الله - أنهم قالوا : إذا تقدم إليه في الحائط فلم يهدمه وجب عليه الضمان والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية