الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ( 33 ) )

يقول تعالى ذكره : وقالت الأشراف من قوم الرسول الذي أرسلنا بعد نوح ، وعنى بالرسول في هذا الموضع : صالحا ، وبقومه : ثمود . ( الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة ) يقول : الذين جحدوا توحيد الله ، وكذبوا بلقاء الآخرة ، يعني ، كذبوا بلقاء الله في الآخرة . وقوله : ( وأترفناهم في الحياة الدنيا ) يقول : ونعمناهم في حياتهم الدنيا بما وسعنا عليهم [ ص: 29 ] من المعاش ، وبسطنا لهم من الرزق ، حتى بطروا وعتوا على ربهم ، وكفروا ، ومنه قول الراجز :


وقد أراني بالديار مترفا



وقوله : ( ما هذا إلا بشر مثلكم ) يقول : قالوا : بعث الله صالحا إلينا رسولا من بيننا ، وخصه بالرسالة دوننا ، وهو إنسان مثلنا ، يأكل مما نأكل منه من الطعام ، ويشرب مما نشرب ، وكيف لم يرسل ملكا من عنده يبلغنا رسالته ، قال : ( ويشرب مما تشربون ) معناه : مما تشربون منه ، فحذف من الكلام " منه " ; لأن معنى الكلام : ويشرب من شرابكم ، وذلك أن العرب تقول : شربت من شرابك .

التالي السابق


الخدمات العلمية