الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  795 ( باب من لم ير التشهد الأول واجبا ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ، ولم يرجع )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان حكم من لم ير التشهد الأول في الجلسة الأولى من الثلاثية أو الرباعية . والمراد من التشهد تشهد الصلاة ، وهو التحيات ، سمي تشهدا ; لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وهو تفعل من الشهادة . ( فإن قلت ) : في التحيات أشياء غير التشهد ، فما وجه التخصيص بلفظ التشهد . ( قلت ) : لشرفه على غيره ; من حيث إنه كلام به يصير الشخص مؤمنا ، ويرتفع عنه السيف ، وينتظم في سلك الموحدين الذي به النجاة في الدنيا والآخرة . والبخاري ممن يرى عدم وجوب التشهد الأول ، وفي ( التوضيح ) : أجمع فقهاء الأمصار أبو حنيفة ومالك والثوري والشافعي وإسحاق والليث وأبو ثور على أن التشهد الأول غير واجب ، حاشا أحمد ; فإنه أوجبه ، كذا نقله ابن القصار . ونقله ابن التين أيضا عن الليث وأبي ثور ، وفي ( شرح الهداية ) : قراءة التشهد في القعدة الأولى واجبة عند أبي حنيفة ، وهو المختار والصحيح ، وقيل : سنة ، وهو الأقيس ، لكنه خلاف ظاهر الرواية .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 107 ] وفي ( المغني ) : إن كانت الصلاة مغربا أو رباعية فهما واجبان فيهما على إحدى الروايتين ، وهو مذهب الليث وإسحاق ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله وداوم عليه وأمر به في حديث ابن عباس بقوله : " قولوا التحيات لله " وجبره بالسجود حين نسيه ، وقال : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، وفي مسلم ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها " وكان يقول في كل ركعتين التحية " وللنسائي من حديث ابن مسعود مرفوعا " إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا : التحيات ... " الحديث وحديث المسيء وحديث رفاعة الذي مضى ، وروي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول : من لم يتشهد فلا صلاة له . وحجة الجمهور هو قوله : " لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين " يعني قام إلى الثالثة وترك التشهد ، ولم يرجع إلى التشهد ، ولو كان واجبا لوجب عليه التدارك حين علم تركه ما أتى به ، بل جبره بسجود السهو ، وقال التيمي : سجوده ناب عن التشهد والجلوس ، ولو كانا واجبين لم ينب منابهما سجود السهو ، كما لا ينوب عن الركوع وسائر الأركان . واحتج الطبري لوجوبه بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين ، وكان التشهد فيها واجبا ، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك . ( وأجيب ) بأن الزيادة لم تتعين في الأخريين ، بل يحتمل أن تكونا هما الفرض الأول ، والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما ، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان ، وفيه نظر لا يخفى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية