الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ( أم ) منقطعة للإضراب الانتقالي من حديث إلى حديث مع اتحاد الغرض ، انتقل من حديث ما أعد لهم من العذاب يوم القيامة إلى ما أعد لهم من الخزي في الدنيا .

فالجملة عطف على جملة هل ينظرون إلا الساعة إلخ .

والكلام بعد ( أم ) استفهام حذفت منه أداة استفهام وهو استفهام تقريري وتهديد ، أي أأبرموا أمرا .

وضمير أبرموا مراد به المشركون الذين ناووا النبيء - صلى الله عليه وسلم - . وضمير ( إنا ) ضمير الجلالة .

[ ص: 262 ] والفاء في قوله فإنا مبرمون للتفريع على ما اقتضاه الاستفهام من تقدير حصول المستفهم عنه فيؤول الكلام إلى معنى الشرط ، أي إن أبرموا أمرا من الكيد فإن الله مبرم لهم أمرا من نقض الكيد وإلحاق الأذى بهم ، ونظيره وفي معناه قوله أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون .

وعن مقاتل نزلت هذه الآية في تدبير قريش بالمكر بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - في دار الندوة حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتل النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يستطيع بنو هاشم المطالبة بدمه ، وقتل الله جميعهم في بدر .

والإبرام حقيقته : القتل المحكم ، وهو هنا مستعار لإحكام التدبير والعزم على ما دبروه .

والمخالفة بين أبرموا و " مبرمون " لأن إبرامهم واقع ، وأما إبرام الله جزاء لهم فهو توعد بأن الله قدر نقض ما أبرموه فإن اسم الفاعل حقيقة في زمن الحال ، أي نحن نقدر لهم الآن أمرا عظيما ، وذلك إيجاد أسباب وقعة بدر التي استؤصلوا فيها .

والأمر : العمل العظيم الخطير ، وحذف مفعول " مبرمون " لدلالة ما قبله عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية