الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( و ) إن قال لها ( إن بدأتك بكلام فأنت [ ص: 130 ] طالق فقالت ) له ( إن بدأتك به ) أي بكلام ( فعبدي حر انحلت يمينه ) ; لأنها كلمته أولا فلم يكن كلامه لها بعد ابتداء ( إن لم تكن ) له ( نية ) بأن نوى أنه لا يبدؤها بكلام في مرة أخرى ( ثم إن بدأته ) بكلام ( حنثت ) أي عتق عبدها لوجود الصفة ( وإن بدأها ) بكلام بعد قولها إن بدأتك بكلام فعبدي حر ( انحلت يمينها ) لما سبق .

                                                                          ( وإن علقه ) أي طلاقها ( بكلامها زيدا ) كأن قال لها إن كلمت زيدا فأنت طالق ( فكلمته ) أي زيدا ( فلم يسمع ) زيد كلامها ( لغفلة ) زيد ( أو شغله ) عنها ( ونحوه ) كخفض صوتها أو صياح وكانت منه بحيث لو رفعت صوتها سمعها حنث ( أو ) كلمته ( وهو ) أي زيد ( مجنون أو سكران ) غير مصروعين ( أو أصم يسمع لولا المانع ) حنث ; لأنها كلمته ( أو كاتبته ) أي زيدا ( أي راسلته ولم ينو ) معلق ( مشافهتها ) له بالكلام حنث ; لأن ذلك كلام لقوله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء } .

                                                                          ولأن ظاهر اليمين هجرانها لزيد ولا يحصل مع مواصلته بالكتابة والمراسلة ، وإن أرسلت إنسانا يسأل أهل العلم عن مسألة أو حديث فجاء الرسول فسأل المحلوف عليه لم يحنث ; لأنها لم تقصده بإرسال الرسول ( أو كلمت غيره ) أي غير زيد ( وزيد يسمع تقصده ) به ( حنث ) ; لأنها قصدته وأسمعته كلامها أشبه ما لو خاطبته وكذا لو سلمت عليه لا تسليم صلاة إن لم تقصده و ( لا ) يحنث ( إن كلمته ) أي زيدا ( ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو نائما ) ; لأن التكليم فعل يتعدى إلى المكلم فلا يكون إلا في حال يمكنه الاستماع فيها ( أو ) كلمته ( وهي مجنونة ) فلا حنث ; لأنها لا قصد لها ( أو أشارت إليه ) أي زيد ; لأن الإشارة ليست كلاما شرعا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية