الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) أربعة شهدوا على عبد أن مولاه أعتقه ، وأنه قد زنى ، وهو محصن فرجم ثم رجعوا عن شهادة الزنا والعتقفعليهم ضمان القيمة للمولى ; لأنهم أقروا عند الرجوع أنهم أتلفوا ماليته بشهادتهم عليه بالعتق وبالزنا بغير حق ويضربون الحد لإقرارهم أنه كان عفيفا وبطلان معنى الشهادة من كلامهم عند رجوعهم ، وإن شهد اثنان منهم على العتق فأعتقه ثم شهدا مع آخرين على الزنا عليه فرجم ثم رجع شاهدا العتق عن العتق ، ولم يرجعا عن الزنا ورجع الآخران عن الزنا فعلى شاهدي العتق جميع القيمة للمولى ; لأن تلف المالية كان بشهادتهما عليه بالعتق وعلى الآخرين نصف الدية للورثة ; لأنه بقي على الشهادة بالزنا من يستحق بشهادته نصف النفس ، فإنما انعدمت الحجة في النصف ، فلهذا ضمن الراجعان نصف الدية وعليهما الحد ، وإن شهد الرجلان على عتقه فأعتقه ثم شهد هو وآخر مع شاهدي العتق على رجل بالزنا فرجمه ثم رجعا عن العتق جميعا ضمنا قيمته للمولى ، ولم يضمنا من دية المرجوم شيئا ; لأنه قد بقي على الشهادة بالزنا حجة تامة .

( فإن قيل ) كيف يستقيم هذا ، وفي زعمهما أنه عبد ، ولا شهادة له على الزنا .

( قلنا ) ولو شهد أربعة على الزنا فرجم ثم ظهر أن أحد الشهود عبد لا ضمان على الشهود ، ولا يمكن إيجاب ضمان النفس عليهما من أجل شهادتهما بعتقه ; لأنه ما رجم لعتقه ، وإنما رجم لزناه ، وقيل على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي أن يجب الضمان عليهما ; لأنه يقول المزكي للشهود إذا رجع ضمن وهما بشهادتهما بحرية الشاهد صارا مزكيين له ، وقد رجعا عن التزكية فينبغي أن يجب عليهما الضمان ، ولكن الأصح أن لا يجب ; لأن الشاهد على الزنا لا يصح أن يكون مزكيا للشاهد معه فلا يمكن جعل شهادتهما بالعتق تزكية للشاهد معهما على الزنا ، ولأن قضاء القاضي بالعتق لا يبطل برجوعهما فتبقى الحجة على الزنا تامة ، فلهذا لم يضمنا من دية المرجوم شيئا ، ولا حد عليهما

التالي السابق


الخدمات العلمية