nindex.php?page=treesubj&link=28723_28743_28902_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما – فإن - وما بعدها فاعل ثبت مقدر بقرينة كون ( أن ) دالة على الثبوت والتحقق، وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إن ذلك مبتدأ مستغن عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده، وقيل: مبتدأ خبره مقدر قبله، وقال
ابن عصفور : بعده و ( ما في الأرض ) اسم أن ( ومن شجرة ) بيان – لما - أو للضمير العائد إليها في الظرف، فهو في موضع الحال منها، أو منه، أي ولو ثبت أن الذي استقر في الأرض كائنا من شجرة، ( وأقلام ) خبر أن، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : وفيه دليل دعوى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، وبعض العجم ممن ينصر قوله: إن خبر أن الجائية بعد - لو- لا يكون اسما جامدا، ولا اسما مشتقا، بل يجب أن يكون فعلا، وهو باطل، ولسان العرب طافح بخلافه، قال الشاعر:
ولو أنها عصفورة لحسبتها مسومة تدعو عبيدا وأزنما
وقال آخر:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
إلى غير ذلك، وتعقب بأن اشتراط كون خبرها فعلا إنما هو إذا كان مشتقا، فلا يرد
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أقلام هنا، ولا ما ذكر في البيتين، وأما قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20لو أنهم بادون [الأحزاب: 20] ، فلو فيه للتمني، والكلام في خبر أن الواقعة بعد لو الشرطية. والمراد بشجرة كل شجرة، والنكرة قد تعم في الإثبات، إذا اقتضى المقام ذلك، كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=14علمت نفس ما أحضرت [التكوير: 14] وقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما لبعض أهل
الشام، وقد سأله عن
nindex.php?page=treesubj&link=3806المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها؟ (تمرة خير من جرادة)، على ما اختاره جمع، ولا نسلم المنافاة بين هذا العموم، وهذه التاء، فكأنه قيل: ولو أن كل شجرة في الأرض أقلام إلخ، وكون كل شجرة أقلاما باعتبار الأجزاء، أو الأغصان فيؤول المعنى إلى لو أن أجزاء أو أغصان كل شجرة في الأرض أقلاما إلخ، ويحسن إرادة العموم في نحو ما نحن فيه كون الكلام الذي وقعت فيه النكرة شرطا بلو، وللشرط مطلقا قرب ما من النفي، فما ظنك به، إذا كان شرطا بها، وإن كانت هنا ليست بمعناها المشهور من انتفاء الجواب لانتفاء الشرط، أو العكس، بل هي دالة على ثبوت الجواب، أو حرف شرط في المستقبل على ما فصل في المغني، واختيار ( شجرة ) على أشجار، أو شجر، لأن الكلام عليه أبعد عن اعتبار التوزيع، بأن تكون كل شجرة من الأشجار، أو الشجر قلما، المخل بمقتضى المقام من المبالغة بكثرة كلماته تعالى شأنه. وفي البحر: أن هذا مما وقع فيه المفرد موقع الجمع، والنكرة موقع المعرفة، ونظيره
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية [البقرة: 106]،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة [فاطر: 2]،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة [النحل: 49]، وقول العرب: هذا أول فارس، وهذا أفضل عالم، يراد من الآيات، ومن الرحمات، ومن الدواب، وأول الفرسان وأفضل العلماء، ذكر المفرد النكرة وأريد به معنى الجمع المعرف باللام، وهو مهيع في كلام العرب معروف، وكذلك يقدر هنا من الشجرات، أو من الأشجار اهـ فلا تغفل.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنه قال سبحانه ( شجرة ) على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر، لأنه أريد تفصيل
[ ص: 98 ] الشجر شجرة شجرة، حتى لا يبقى من جنس الشجر ولا واحدة، إلا وقد بريت أقلاما، وتعقب بأن إفادة المفرد التفصيل بدون تكرار غير معهود، والمعهود إفادته ذلك بالتكرير نحو: جاؤوني رجلا رجلا، فتأمل، واختيار جمع القلة في ( أقلام ) مع أن الأنسب للمقام جمع الكثرة لأنه لم يعهد للقلم جمع سواه، وقلام غير متداول فلا يحسن استعماله،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27والبحر أي المحيط فأل للعهد، لأنه المتبادر، ولأنه الفرد للكامل، إذ قد يطلق على شعبه وعلى الأنهار العظام كدجلة، والفرات، وجوز إرادة الجنس، ولعل الأول أبلغ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27يمده من بعده أي من بعد نفاده، وقيل من ورائه
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27سبعة أبحر مفروضة، كل منها مثله في السعة والإحاطة، وكثرة الماء، والمراد بالسبعة الكثرة بحيث تشمل المائة والألف مثلا لا خصوص العدد المعروف، كما في قوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654974«المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء»
واختيرت لها لأنها عدد تام كما عرفت عند الكلام في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تلك عشرة كاملة وكثير من المعدودات التي لها شأن كالسماوات والكواكب السيارة، والأقاليم الحقيقية، وأيام الأسبوع إلى غير ذلك منحصر في سبع، فلعل في ذكرها هنا دون سبعين المتجوز به عن الكثرة أيضا رمزا إلى شأن كون تلك الأبحر عظيمة ذات شأن، ولما لم تكن موضوعة في الأصل لذلك بل للعدد المعروف القليل جاء تمييزها (أبحر) بلفظ القلة دون بحور، وإن كان لا يراد به إلا الكثرة ليناسب بين اللفظين، فكما تجوز في السبعة واستعملت للتكثير تجوز في أبحر، واستعمل فيه أيضا، وكان الظاهر بعد جعل ما في الأرض من شجر أقلاما أن يقال: والبحر مداد، لكن جيء بما في النظم الجليل، لأن يمده يغني عن ذكر المداد، لأنه من قولك: مد الدواة وأمدها أي جعلها ذات مداد، وزاد في مدادها، ففيه دلالة على المداد مع ما يزيد في المبالغة، وهو تصوير الإمداد المستمر حالا بعد حال، كما تؤذن به صيغة المضارع، فأفاد النظم الجليل جعل البحر المحيط بمنزلة الدواة، وجعل أبحر سبعة مثله مملوءة مدادا، فهي تصب فيه مدادها أبدا صبا، لا ينقطع، ورفع ( البحر ) على ما استظهره
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان فيه على الابتداء، وجملة (يمده) خبره، والواو للحال، والجملة حال من الموصول، أو الضمير الذي في صلته، أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما في حال كون البحر ممدودا بسبعة أبحر، ولا يضر خلو الجملة عن ضمير ذي الحال، فإن الواو يحصل بها من الربط ما لا يتقاعد عن الضمير لدلالتها على المقارنة، وأشار
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري إلى أن هذه الجملة وما أشبهها كقوله:
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هيكل
وجئت والجيش مصطف، من الأحوال التي حكمها حكم الظروف، لأنها في معناها، إذ معنى: جئت والجيش مصطف مثلا، ومعنى: جئت وقت اصطفاف الجيش، واحد، وحيث إن الظرف يربطه بما قبله تعلقه به، وإن لم يكن فيه ضمير، وهو إذا وقع حالا استقر فيه الضمير فما يشبهه، كأنه فيه ضمير مستقر، ولا يرد عليه اعتراض
أبي حيان بأن الظرف إذا وقع حالا ففي العامل فيه الضمير ينتقل إلى الظرف، والجملة الاسمية إذا كانت حالا بالواو فليس فيها ضمير منتقل، فكيف يقال إنها في حكم الظرف. نعم الحق أن الربط بالواو كاف عن الضمير، ولا يحتاج معه إلى تكلف هذه المئونة، وجوز أن تكون الجملة حالا من الأرض، والعامل فيه معنى الاستقرار، والرابط ما سمعت، أو أل التي في ( البحر ) بناء على رأي الكوفيين من جواز كون أل عوضا عن الضمير كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن مفتحة لهم الأبواب [ص: 50] أي ولو ثبت كون الذي استقر في الأرض من شجرة أقلاما حال كون بحرها ممدودا بسبعة أبحر
[ ص: 99 ] قال في الكشف: ولا بد أن يجعل ( من شجرة ) بيانا للضمير العائد إلى ما لئلا يلزم الفصل بين أجزاء الصلة بالأجنبي.
( والبحر ) على تقدير جعل (أل) فيه عوضا عن المضاف إليه العائد إلى الأرض يحتمل أن يراد به المعهود، وأن يراد به غيره، وقال
الطيبي : إن البحر على ذلك يعم جميع الأبحر لقرينة الإضافة، ويفيد أن السبعة خارجة عن بحر الأرض، وعلى ما سواه يحتمل الحصة المعهودة المعلومة عند المخاطب. ورد بأنه لا فرق بينهما بل كون بحرها للعهد أظهر، لأن العهد أصل الإضافة، ولا ينافيه كون الأرض شاملة لجميع الأقطار، لأن المعهود البحر المحيط، وهو محيط بها كلها، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري كون رفعه بالعطف على محل أن ومعمولها، وجملة ( يمده ) حال على تقدير: لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما، وثبت البحر ممدودا بسبعة أبحر، وتعقب بأن الدال على الفعل المحذوف هو أن وخبره على ما قرر في بابه، فإذن لا يمكن إفضاء إلى المعطوف دون ملاحظة دال، وفي هذا العطف إخراج عن الملاحظة، وأجيب بأنه يحتمل في التابع ما لا يحتمل في المتبوع، ثم لا يخفى أن العطف على هذا من عطف المفرد لا المفرد على الجملة كما قيل، إذ الظاهر أن المعطوف عليه إنما هو المصدر الواقع فاعلا لثبت، وهو مفرد لا جملة، وجوز أن يكون العطف على ذلك بناء على رأي من يجعله مبتدأ، وتعقب بأنه يلزم أن يلي لو الاسم الصريح الواقع مبتدأ إذ يصير التقدير: ولو البحر، على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان لا يجوز إلا في ضرورة شعر نحو قوله:
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
وأجيب بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، كما في نحو: رب رجل وأخيه يقولان ذلك، وقال بعضهم: إنه يلزم على العطف السابق أن يلي لو الاسم الصريح، وهو أيضا مخصوص بالضرورة، وأجاب بما أجيب وفيه عندي تأمل، وجوز كون الرفع على الابتداء، وجملة ( يمده ) خبر المبتدإ، والواو واو المعية، وجملة المبتدإ وخبره في موضع المفعول معه، بناء على أنه يكون جملة كما نقل عن
ابن هشام ، ولا يخفى بعده، وجوز كون الواو على ذلك للاستئناف، وهو استئناف بياني كأنه قيل: ما المداد حينئذ؟ فقيل: والبحر إلخ، وتعقب بأن اقتران الجواب بالواو، وإن كانت استئنافية غير معهود، وما قيل: إنه يقترن بها إذا كان جوابا للسؤال على وجه المناقشة لا للاستعلام مما لا يعتمد عليه، ومن هنا قيل:
الظاهر على إرادة الاستئناف أن يكون نحويا، وجوز في هذا التركيب غير ما ذكر من أوجه الإعراب أيضا.
وقرأ البصريان «والبحر» بالنصب على أنه معطوف على اسم أن، ( ويمده ) خبر له، أي: ولو أن البحر ممدود بسبعة أبحر.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في أماليه: ولا يستقيم أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27يمده حالا لأنه يؤدي أيضا إلى تقييد المبتدإ الجامد بالحال، ولا يجوز لأنها لبيان الفاعل، أو المفعول، والمبتدأ ليس كذلك، ويؤدي إلى كون المبتدإ لا خبر له، ولا يستقيم أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أقلام خبرا له، لأنه خبر الأول اهـ، ولم يذكر احتمال تقدير الخبر لظهور أنه خلاف الظاهر.
وجوز أن يكون منصوبا على شريطة التفسير عطفا على الفعل المحذوف أعني: ثبت، ودخول لو على المضارع جائزة، وجملة ( يمده ) إلخ، حينئذ لا محل لها من الإعراب.
وقرأ
عبد الله: «وبحر» بالتنكير، والرفع، وخرج ذلك ابن جني على أنه مبتدأ وخبره محذوف، أي هناك بحر يمده إلخ، والواو واو الحال لا محالة، ولا يجوز أن يعطف على ( أقلام )، لأن البحر وما فيه ليس من حديث الشجر
[ ص: 100 ] والأقلام، وإنما هو من حديث المداد. وفي البحر: إن الواو على هذه القراءة للحال، أو للعطف على ما تقدم، وإذا كانت للحال كان ( البحر ) مبتدأ، وسوغ الابتداء به مع كونه نكرة تقدم تلك الواو فقد عد من مسوغات الابتداء بالنكرة، كما في قوله:
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا محياك أخفى ضوءه كل شارق
اهـ، ولا يخفى أنه إذا عطف على فاعل ثبت، فجملة ( يمده ) في موضع الصفة له، لا حال منه، وجوز ذلك من جوز مجيء الحال من النكرة، والظاهر على تقدير كونه مبتدأ جعل الجملة خبره، ولا حاجة إلى جعل خبره محذوفا كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي «تمده» بتاء التأنيث من مد، كالذي في قراءة الجمهور، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
وابن مصرف، nindex.php?page=showalam&ids=13617وابن هرمز «يمده» بضم الياء التحتية من الإمداد، وقال
ابن الشيخ: يمد بفتح فضم، ويمد بضم فكسر لغتان بمعنى، وقرأ
جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما «والبحر مداده» أي ما يكتب به من الحبر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : هو مصدر،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ما نفدت كلمات الله جواب ( لو )، وفي الكلام اختصار يسمى حذف إيجاز، ويدل على المحذوف السياق، والتقدير: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام، وبذلك المداد كلمات الله تعالى ما نفدت لعدم تناهيها، ونفد تلك الأقلام والمداد لتناهيها، ونظير ذلك في الاشتمال على إيجاز الحذف قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196أو به أذى من رأسه ففدية [البقرة: 196]، أي فحلق رأسه لدفع ما به من الأذى ففدية، والمراد بكلماته تعالى كلمات علمه سبحانه وحكمته، جل شأنه، وهو الذي يقتضيه سبب النزول على ما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665435سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن الروح، فأنزل سبحانه: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [الإسراء: 85]، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلا، وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، فنزلت: ( ولو أن ) إلخ. وظاهر هذا أن اليهود قالوا ذلك له عليه الصلاة والسلام مشافهة، وهو ظاهر في أن الآية مدنية، وقيل: إنهم أمروا وفد
قريش أن يقولوا له صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك، وهذا القائل يقول: إنها مكية، وحاصل الجواب: إنه وإن كان ما أوتيتموه خيرا كثيرا لكونه حكمة إلا أنه قليل بالنسبة إلى حكمته عز وجل.
وفي رواية
أنه أنزل بمكة قوله تعالى ( ويسألونك ) إلخ، فلما هاجر عليه الصلاة والسلام أتاه أحبار اليهود فقالوا: بلغنا أنك تقول: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم قومك؟ فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: «كلا عنيت» فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: (إنا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء)، فقال عليه الصلاة والتحية: «وهي في علم الله تعالى قليل، وقد أتاكم ما إن عملتم به نجوتم»، «قالوا: يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا [البقرة: 269]، فكيف يجتمع؟ فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: «هذا علم قليل وخير كثير»، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وهذا نص في أن الآية مدنية، وقيل: المراد بها مقدوراته جل وعلا وعجائبه عز وجل التي إذا أراد سبحانه شيئا منها قال تبارك وتعالى: ( كن فيكون ) [البقرة: 117 وغيرها]، ومن ذلك قوله تعالى في
عيسى: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وكلمته ألقاها إلى مريم [النساء: 171]، وإطلاق الكلمات على ما ذكر من إطلاق السبب على المسبب، وعلى هذا وجه ربط الآية بما قبلها أظهر على ما قيل وهو أنه سبحانه لما
[ ص: 101 ] قال: ( لله ما في السماوات والأرض ) وكان موهما لتناهي ملكه جل جلاله أردف سبحانه ذلك بما هو ظاهر بعدم التناهي، وهذا ما اختاره
الإمام في المراد بكلماته تعالى إلا أن في انطباقه على سبب النزول خفاء، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم: المراد بها ما وعد سبحانه به أهل طاعته من الثواب، وما أوعد جل شأنه به أهل معصيته من العقاب، وكأن الآية عليه بيان لأكثرية ما لم يظهر بعد من ملكه تعالى بعد بيان كثرة ما ظهر، وقيل: المراد بها ما هو المتبادر منها بناء على ما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ، وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد، فنزلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآية، وفي وجه ربط الآية عليه بما قبلها، وكذا بما بعدها خفاء جدا إلا أنه لا يقتضي كونها مدنية، وإيثار الجمع المؤنث السالم بناء على أنه كجمع المذكر جمع قلة لإشعاره وإن اقترن بما قد يفيد معه الاستغراق والعموم من أل، أو الإضافة نظرا لأصل وضعه، وهو القلة بأن ذلك لا يفي بالقليل، فكيف بالكثير. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن «ما نفد» بغير تاء، «كلام الله» بدل كلمات الله،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إن الله عزيز لا يعجزه جل شأنه شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27حكيم لا يخرج عن علمه تعالى وحكمته سبحانه شيء، والجملة تعليل لعدم نفاد كلماته تبارك وتعالى.
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28743_28902_29002nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ أَيْ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا – فَإِنَّ - وَمَا بَعْدَهَا فَاعِلُ ثَبَتَ مُقَدَّرٌ بِقَرِينَةِ كَوْنِ ( أَنَّ ) دَالَّةً عَلَى الثُّبُوتِ وَالتَّحَقُّقِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : إِنَّ ذَلِكَ مُبْتَدَأٌ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْخَبَرِ لِذِكْرِ الْمُسْنَدِ وَالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مُقَدَّرٌ قَبْلَهُ، وَقَالَ
ابْنُ عُصْفُورٍ : بَعْدَهُ وَ ( ما فِي الْأَرْضِ ) اسْمُ أَنَّ ( وَمِنْ شَجَرَةٍ ) بَيَانٌ – لِمَا - أَوْ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ إِلَيْهَا فِي الظَّرْفِ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْهَا، أَوْ مِنْهُ، أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الْأَرْضِ كَائِنًا مِنْ شَجَرَةٍ، ( وَأَقْلَامٌ ) خَبَرُ أَنَّ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : وَفِيهِ دَلِيلُ دَعْوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ، وَبَعْضِ الْعَجَمِ مِمَّنْ يَنْصُرُ قَوْلَهُ: إِنَّ خَبَرَ أَنَّ الْجَائِيَةَ بَعْدَ - لَوْ- لَا يَكُونُ اسْمًا جَامِدًا، وَلَا اسْمًا مُشْتَقًّا، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلِسَانُ الْعَرَبِ طَافِحٌ بِخِلَافِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَوْ أَنَّهَا عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتُهَا مُسَوَّمَةً تَدْعُو عَبِيدًا وَأَزْنَمَا
وَقَالَ آخَرُ:
مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْ أَنَّ الْفَتَى حَجَرٌ تَنْبُو الْحَوَادِثُ عَنْهُ وَهُوَ مَلْمُومُ
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِ خَبَرِهَا فِعْلًا إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ مُشْتَقًّا، فَلَا يَرُدُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أَقْلامٌ هُنَا، وَلَا مَا ذُكِرَ فِي الْبَيْتَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=20لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ [الْأَحْزَابُ: 20] ، فَلَوْ فِيهِ لِلتَّمَنِّي، وَالْكَلَامُ فِي خَبَرِ أَنَّ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ لَوِ الشَّرْطِيَّةِ. وَالْمُرَادُ بِشَجَرَةٍ كُلُّ شَجَرَةٍ، وَالنَّكِرَةُ قَدْ تَعُمُّ فِي الْإِثْبَاتِ، إِذَا اقْتَضَى الْمَقَامُ ذَلِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=14عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التَّكْوِيرُ: 14] وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِبَعْضِ أَهْلِ
الشَّامِ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=3806الْمُحْرِمِ إِذَا قَتَلَ جَرَادَةً أَيَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ فِدْيَةً لَهَا؟ (تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ)، عَلَى مَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَلَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الْعُمُومِ، وَهَذِهِ التَّاءِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَوْ أَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ فِي الْأَرْضِ أَقْلَامٌ إِلَخْ، وَكَوْنُ كُلِّ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ، أَوِ الْأَغْصَانِ فَيُؤَوَّلُ الْمَعْنَى إِلَى لَوْ أَنَّ أَجْزَاءَ أَوْ أَغْصَانَ كُلِّ شَجَرَةٍ فِي الْأَرْضِ أَقْلَامًا إِلَخْ، وَيُحَسِّنُ إِرَادَةُ الْعُمُومِ فِي نَحْوِ مَا نَحْنُ فِيهِ كَوْنُ الْكَلَامِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّكِرَةُ شَرْطًا بِلَوْ، وَلِلشَّرْطِ مُطْلَقًا قُرْبُ مَا مِنَ النَّفْيِ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ، إِذَا كَانَ شَرْطًا بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ هُنَا لَيْسَتْ بِمَعْنَاهَا الْمَشْهُورِ مِنَ انْتِفَاءِ الْجَوَابِ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ، أَوِ الْعَكْسِ، بَلْ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى ثُبُوتِ الْجَوَابِ، أَوْ حَرْفُ شَرْطٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مَا فُصِّلَ فِي الْمُغْنِي، وَاخْتِيَارُ ( شَجَرَةٍ ) عَلَى أَشْجَارٍ، أَوْ شَجَرٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَبْعَدُ عَنِ اعْتِبَارِ التَّوْزِيعِ، بِأَنْ تَكُونَ كُلُّ شَجَرَةٍ مِنَ الْأَشْجَارِ، أَوِ الشَّجَرِ قَلَمًا، الْمُخِلُّ بِمُقْتَضَى الْمَقَامِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ بِكَثْرَةِ كَلِمَاتِهِ تَعَالَى شَأْنُهُ. وَفِي الْبَحْرِ: أَنَّ هَذَا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الْمُفْرَدُ مَوْقِعَ الْجَمْعِ، وَالنَّكِرَةُ مَوْقِعَ الْمَعْرِفَةِ، وَنَظِيرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ [الْبَقَرَةُ: 106]،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ [فَاطِرٌ: 2]،
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ [النَّحْلُ: 49]، وَقَوْلُ الْعَرَبِ: هَذَا أَوَّلُ فَارِسٍ، وَهَذَا أَفْضَلُ عَالِمٍ، يُرَادُ مِنَ الْآيَاتِ، وَمِنَ الرَّحَمَاتِ، وَمِنَ الدَّوَابِّ، وَأَوَّلُ الْفُرْسَانِ وَأَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ، ذُكِرَ الْمُفْرَدُ النَّكِرَةُ وَأُرِيدَ بِهِ مَعْنَى الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ، وَهُوَ مَهْيَعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّرُ هُنَا مِنَ الشَّجَرَاتِ، أَوْ مِنَ الْأَشْجَارِ اهـ فَلَا تَغْفُلْ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِنَّهُ قَالَ سُبْحَانَهُ ( شَجَرَةٍ ) عَلَى التَّوْحِيدِ دُونَ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ شَجَرٌ، لِأَنَّهُ أُرِيدَ تَفْصِيلُ
[ ص: 98 ] الشَّجَرِ شَجَرَةً شَجَرَةً، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ جِنْسِ الشَّجَرِ وَلَا وَاحِدَةٌ، إِلَّا وَقَدْ بُرِيَتْ أَقْلَامًا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ إِفَادَةَ الْمُفْرَدِ التَّفْصِيلَ بِدُونِ تَكْرَارٍ غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَالْمَعْهُودُ إِفَادَتُهُ ذَلِكَ بِالتَّكْرِيرِ نَحْوَ: جَاؤُونِي رَجُلًا رَجُلًا، فَتَأَمَّلْ، وَاخْتِيَارُ جَمْعِ الْقِلَّةِ فِي ( أَقْلَامٌ ) مَعَ أَنَّ الْأَنْسَبَ لِلْمَقَامِ جَمْعُ الْكَثْرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ لِلْقَلَمِ جَمْعٌ سِوَاهُ، وَقِلَامٌ غَيْرُ مُتَدَاوَلٍ فَلَا يَحْسُنُ اسْتِعْمَالُهُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَالْبَحْرُ أَيِ الْمُحِيطُ فَأَلْ لِلْعَهْدِ، لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ، وَلِأَنَّهُ الْفَرْدُ لِلْكَامِلِ، إِذْ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى شُعَبِهِ وَعَلَى الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ كَدِجْلَةَ، وَالْفُرَاتِ، وَجُوِّزَ إِرَادَةُ الْجِنْسِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَبْلَغُ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ نَفَادِهِ، وَقِيلَ مِنْ وَرَائِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَفْرُوضَةٌ، كُلٌّ مِنْهَا مِثْلُهُ فِي السَّعَةِ وَالْإِحَاطَةِ، وَكَثْرَةِ الْمَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّبْعَةِ الْكَثْرَةُ بِحَيْثُ تَشْمَلُ الْمِائَةَ وَالْأَلْفَ مَثَلًا لَا خُصُوصَ الْعَدَدِ الْمَعْرُوفِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654974«الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»
وَاخْتِيرَتْ لَهَا لِأَنَّهَا عَدَدٌ تَامٌّ كَمَا عَرَفْتَ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ الَّتِي لَهَا شَأْنٌ كَالسَّمَاوَاتِ وَالْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ، وَالْأَقَالِيمِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي سَبْعٍ، فَلَعَلَّ فِي ذِكْرِهَا هُنَا دُونَ سَبْعِينَ الْمُتَجَوَّزِ بِهِ عَنِ الْكَثْرَةِ أَيْضًا رَمْزًا إِلَى شَأْنِ كَوْنِ تِلْكَ الْأَبْحُرِ عَظِيمَةً ذَاتَ شَأْنٍ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً فِي الْأَصْلِ لِذَلِكَ بَلْ لِلْعَدَدِ الْمَعْرُوفِ الْقَلِيلِ جَاءَ تَمْيِيزُهَا (أَبْحُرٍ) بِلَفْظِ الْقِلَّةِ دُونَ بُحُورٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا الْكَثْرَةُ لِيُنَاسِبَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، فَكَمَا تَجُوزُ فِي السَّبْعَةِ وَاسْتُعْمِلَتْ لِلتَّكْثِيرِ تَجُوزُ فِي أَبْحُرٍ، وَاسْتُعْمِلَ فِيهِ أَيْضًا، وَكَانَ الظَّاهِرُ بَعْدَ جَعْلِ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرٍ أَقْلَامًا أَنْ يُقَالَ: وَالْبَحْرُ مِدَادٌ، لَكِنْ جِيءَ بِمَا فِي النَّظْمِ الْجَلِيلِ، لِأَنَّ يَمُدُّهُ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْمِدَادِ، لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِكَ: مَدَّ الدَّوَاةَ وَأَمَدَّهَا أَيْ جَعَلَهَا ذَاتَ مِدَادٍ، وَزَادَ فِي مِدَادِهَا، فَفِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى الْمِدَادِ مَعَ مَا يَزِيدُ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ تَصْوِيرُ الْإِمْدَادِ الْمُسْتَمِرِّ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، كَمَا تُؤْذِنُ بِهِ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ، فَأَفَادَ النَّظْمُ الْجَلِيلُ جَعْلَ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاةِ، وَجَعْلَ أَبْحُرٍ سَبْعَةً مِثْلَهُ مَمْلُوءَةً مِدَادًا، فَهِيَ تَصُبُّ فِيهِ مِدَادَهَا أَبَدًا صَبًّا، لَا يَنْقَطِعُ، وَرَفْعُ ( الْبَحْرُ ) عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ فِيهِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَجُمْلَةُ (يَمُدُّهُ) خَبَرُهُ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الْمَوْصُولِ، أَوِ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي صِلَتِهِ، أَيْ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا فِي حَالِ كَوْنِ الْبَحْرِ مَمْدُودًا بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ، وَلَا يَضُرُّ خُلُوُّ الْجُمْلَةِ عَنْ ضَمِيرِ ذِي الْحَالِ، فَإِنَّ الْوَاوَ يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الرَّبْطِ مَا لَا يَتَقَاعَدُ عَنِ الضَّمِيرِ لِدِلَالَتِهَا عَلَى الْمُقَارَنَةِ، وَأَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا كَقَوْلِهِ:
وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وَكَنَاتِهَا بِمُنْجَرِدِ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ
وَجِئْتُ وَالْجَيْشُ مُصْطَفٌّ، مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي حُكْمُهَا حُكْمُ الظُّرُوفِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا، إِذْ مَعْنَى: جِئْتُ وَالْجَيْشُ مُصْطَفٌّ مَثَلًا، وَمَعْنَى: جِئْتُ وَقْتَ اصْطِفَافِ الْجَيْشِ، وَاحِدٌ، وَحَيْثُ إِنَّ الظَّرْفَ يَرْبِطُهُ بِمَا قَبْلَهُ تَعَلُّقُهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَمِيرٌ، وَهُوَ إِذَا وَقَعَ حَالًا اسْتَقَرَّ فِيهِ الضَّمِيرُ فَمَا يُشْبِهُهُ، كَأَنَّهُ فِيهِ ضَمِيرٌ مُسْتَقِرٌّ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ
أَبِي حَيَّانَ بِأَنَّ الظَّرْفَ إِذَا وَقَعَ حَالًا فَفِي الْعَامِلِ فِيهِ الضَّمِيرُ يَنْتَقِلُ إِلَى الظَّرْفِ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ إِذَا كَانَتْ حَالًا بِالْوَاوِ فَلَيْسَ فِيهَا ضَمِيرٌ مُنْتَقِلٌ، فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّهَا فِي حُكْمِ الظَّرْفِ. نَعَمِ الْحَقُّ أَنَّ الرَّبْطَ بِالْوَاوِ كَافٍ عَنِ الضَّمِيرِ، وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى تَكَلُّفِ هَذِهِ الْمَئُونَةِ، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنَ الْأَرْضِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ، وَالرَّابِطُ مَا سَمِعْتَ، أَوْ أَلِ الَّتِي فِي ( الْبَحْرُ ) بِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ مِنْ جَوَازِ كَوْنِ أَلْ عِوَضًا عَنِ الضَّمِيرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ [ص: 50] أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ كَوْنُ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا حَالَ كَوْنِ بَحْرِهَا مَمْدُودًا بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ
[ ص: 99 ] قَالَ فِي الْكَشْفِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُجْعَلَ ( مِنْ شَجَرَةٍ ) بَيَانًا لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ إِلَى مَا لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الصِّلَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ.
( وَالْبَحْرُ ) عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ (أَلْ) فِيهِ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الْعَائِدِ إِلَى الْأَرْضِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَعْهُودُ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَالَ
الطِّيبِيُّ : إِنَّ الْبَحْرَ عَلَى ذَلِكَ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَبْحُرِ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ، وَيُفِيدُ أَنَّ السَّبْعَةَ خَارِجَةٌ عَنْ بَحْرِ الْأَرْضِ، وَعَلَى مَا سِوَاهُ يَحْتَمِلُ الْحِصَّةَ الْمَعْهُودَةَ الْمَعْلُومَةَ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَلْ كَوْنُ بَحْرِهَا لِلْعَهْدِ أَظْهَرُ، لِأَنَّ الْعَهْدَ أَصْلُ الْإِضَافَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْأَرْضِ شَامِلَةً لِجَمِيعِ الْأَقْطَارِ، لِأَنَّ الْمَعْهُودَ الْبَحْرُ الْمُحِيطُ، وَهُوَ مُحِيطٌ بِهَا كُلِّهَا، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ كَوْنَ رَفْعِهِ بِالْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ أَنْ وَمَعْمُولِهَا، وَجُمْلَةُ ( يَمُدُّهُ ) حَالٌ عَلَى تَقْدِيرِ: لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا، وَثَبَتَ الْبَحْرُ مَمْدُودًا بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ هُوَ أَنْ وَخَبَرُهُ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي بَابِهِ، فَإِذَنْ لَا يُمْكِنُ إِفْضَاءٌ إِلَى الْمَعْطُوفِ دُونَ مُلَاحَظَةِ دَالٍّ، وَفِي هَذَا الْعَطْفِ إِخْرَاجٌ عَنِ الْمُلَاحَظَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْمَتْبُوعِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى هَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ لَا الْمُفْرَدِ عَلَى الْجُمْلَةِ كَمَا قِيلَ، إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَصْدَرُ الْوَاقِعُ فَاعِلًا لِثَبَتَ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا جُمْلَةٌ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى رَأْيِ مَنْ يَجْعَلُهُ مُبْتَدَأً، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَلِيَ لَوِ الِاسْمُ الصَّرِيحُ الْوَاقِعُ مُبْتَدَأً إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: وَلَوِ الْبَحْرُ، عَلَى مَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ نَحْوَ قَوْلِهِ:
لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شَرِقَ كُنْتُ كَالْغَصَّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصَارِي
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ، كَمَا فِي نَحْوِ: رُبَّ رَجُلٍ وَأَخِيهِ يَقُولَانِ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْعَطْفِ السَّابِقِ أَنْ يَلِيَ لَوِ الِاسْمُ الصَّرِيحُ، وَهُوَ أَيْضًا مَخْصُوصٌ بِالضَّرُورَةِ، وَأَجَابَ بِمَا أُجِيبَ وَفِيهِ عِنْدِي تَأَمُّلٌ، وَجُوِّزَ كَوْنُ الرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَجُمْلَةُ ( يَمُدُّهُ ) خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ، وَالْوَاوُ وَاوُ الْمَعِيَّةِ، وَجُمْلَةُ الْمُبْتَدَإِ وَخَبَرُهُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ مَعَهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ جُمْلَةً كَمَا نُقِلَ عَنِ
ابْنِ هِشَامٍ ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ، وَجُوِّزَ كَوْنُ الْوَاوِ عَلَى ذَلِكَ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا الْمِدَادُ حِينَئِذٍ؟ فَقِيلَ: وَالْبَحْرُ إِلَخْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اقْتِرَانَ الْجَوَابِ بِالْوَاوِ، وَإِنْ كَانَتِ اسْتِئْنَافِيَّةً غَيْرُ مَعْهُودٍ، وَمَا قِيلَ: إِنَّهُ يَقْتَرِنُ بِهَا إِذَا كَانَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ عَلَى وَجْهِ الْمُنَاقَشَةِ لَا لِلِاسْتِعْلَامِ مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ:
الظَّاهِرُ عَلَى إِرَادَةِ الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَكُونَ نَحْوِيًّا، وَجُوِّزَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ أَيْضًا.
وَقَرَأَ الْبَصْرِيَّانِ «وَالْبَحْرَ» بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ، ( وَيَمُدُّهُ ) خَبَرٌ لَهُ، أَيْ: وَلَوْ أَنَّ الْبَحْرَ مَمْدُودٌ بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ: وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27يَمُدُّهُ حَالًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي أَيْضًا إِلَى تَقْيِيدِ الْمُبْتَدَإِ الْجَامِدِ بِالْحَالِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا لِبَيَانِ الْفَاعِلِ، أَوِ الْمَفْعُولِ، وَالْمُبْتَدَأُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَيُؤَدِّي إِلَى كَوْنِ الْمُبْتَدَإِ لَا خَبَرَ لَهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27أَقْلامٌ خَبَرًا لَهُ، لِأَنَّهُ خَبَرُ الْأَوَّلِ اهـ، وَلَمْ يُذْكَرِ احْتِمَالُ تَقْدِيرِ الْخَبَرِ لِظُهُورِ أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ عَطْفًا عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ أَعْنِي: ثَبَتَ، وَدُخُولُ لَوْ عَلَى الْمُضَارِعِ جَائِزَةٌ، وَجُمْلَةُ ( يَمُدُّهُ ) إِلَخْ، حِينَئِذٍ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ: «وَبَحْرٌ» بِالتَّنْكِيرِ، وَالرَّفْعِ، وَخَرَّجَ ذَلِكَ ابْنُ جِنِّي عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ هُنَاكَ بَحْرٌ يَمُدُّهُ إِلَخْ، وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ لَا مَحَالَةَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى ( أَقْلَامٌ )، لِأَنَّ الْبَحْرَ وَمَا فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ الشَّجَرِ
[ ص: 100 ] وَالْأَقْلَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ الْمِدَادِ. وَفِي الْبَحْرِ: إِنَّ الْوَاوَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِلْحَالِ، أَوْ لِلْعَطْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا كَانَتْ لِلْحَالِ كَانَ ( الْبَحْرُ ) مُبْتَدَأً، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً تَقَدُّمُ تِلْكَ الْوَاوِ فَقَدْ عُدَّ مِنْ مُسَوِّغَاتِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ:
سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا مُحَيَّاكَ أَخْفَى ضَوْءَهُ كُلُّ شَارِقِ
اهـ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إِذَا عُطِفَ عَلَى فَاعِلٍ ثَبَتَ، فَجُمْلَةُ ( يَمُدُّهُ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَهُ، لَا حَالٌ مِنْهُ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ مَنْ جَوَّزَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنَ النَّكِرَةِ، وَالظَّاهِرُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً جَعْلُ الْجُمْلَةِ خَبَرَهُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى جَعْلِ خَبَرِهِ مَحْذُوفًا كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ، nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيٌّ «تَمُدُّهُ» بِتَاءِ التَّأْنِيثِ مِنْ مَدَّ، كَالَّذِي فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ،
وَابْنُ مُصَرِّفٍ، nindex.php?page=showalam&ids=13617وَابْنُ هُرْمُزَ «يَمُدُّهُ» بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَقَالَ
ابْنُ الشَّيْخِ: يَمُدُّ بِفَتْحٍ فَضَمٍّ، وَيُمِدُّ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لُغَتَانِ بِمَعْنًى، وَقَرَأَ
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا «وَالْبَحْرُ مِدَادُهُ» أَيْ مَا يُكْتَبُ بِهِ مِنَ الْحِبْرِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : هُوَ مَصْدَرٌ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ جَوَابُ ( لَوْ )، وَفِي الْكَلَامِ اخْتِصَارٌ يُسَمَّى حَذْفَ إِيجَازٍ، وَيَدُلُّ عَلَى الْمَحْذُوفِ السِّيَاقُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ مَمْدُودٌ بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ، وَكُتِبَتْ بِتِلْكَ الْأَقْلَامِ، وَبِذَلِكَ الْمِدَادِ كَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى مَا نَفِدَتْ لِعَدَمِ تَنَاهِيهَا، وَنَفِدَ تِلْكَ الْأَقْلَامُ وَالْمِدَادُ لِتَنَاهِيهَا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الِاشْتِمَالِ عَلَى إِيجَازِ الْحَذْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ [الْبَقَرَةُ: 196]، أَيْ فَحَلَقَ رَأْسَهُ لِدَفْعِ مَا بِهِ مِنَ الْأَذَى فَفِدْيَةٌ، وَالْمُرَادُ بِكَلِمَاتِهِ تَعَالَى كَلِمَاتُ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ وَحِكْمَتِهِ، جَلَّ شَأْنُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سَبَبُ النُّزُولِ عَلَى مَا أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665435سَأَلَ أَهْلُ الْكِتَابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّوحِ، فَأَنْزَلَ سُبْحَانَهُ: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا [الْإِسْرَاءُ: 85]، فَقَالُوا: تَزْعُمُ أَنَّا لَمْ نُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، وَقَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَهِيَ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، فَنَزَلَتْ: ( وَلَوْ أَنَ ) إِلَخْ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا ذَلِكَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُشَافَهَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أَمَرُوا وَفْدَ
قُرَيْشٍ أَنْ يَقُولُوا لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ: إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَا أُوتِيتُمُوهُ خَيْرًا كَثِيرًا لِكَوْنِهِ حِكْمَةً إِلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حِكْمَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَفِي رِوَايَةٍ
أَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَكَّةَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَيَسْألُونَكَ ) إِلَخْ، فَلَمَّا هَاجَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَتَاهُ أَحْبَارُ الْيَهُودِ فَقَالُوا: بَلَغَنَا أَنَّكَ تَقُولُ: nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا أَفَعَنَيْتَنَا أَمْ قَوْمَكَ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا عَنَيْتُ» فَقَالُوا: أَلَسْتَ تَتْلُو فِيمَا جَاءَكَ: (إِنَّا أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَفِيهَا عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ)، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالتَّحِيَّةُ: «وَهِيَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَلِيلٌ، وَقَدْ أَتَاكُمْ مَا إِنْ عَمِلْتُمْ بِهِ نَجَوْتُمْ»، «قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ تَزْعُمُ هَذَا وَأَنْتَ تَقُولُ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [الْبَقَرَةُ: 269]، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا عِلْمٌ قَلِيلٌ وَخَيْرٌ كَثِيرٌ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا مَقْدُورَاتُهُ جَلَّ وَعَلَا وَعَجَائِبُهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي إِذَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ شَيْئًا مِنْهَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ( كُنْ فَيَكُونُ ) [الْبَقَرَةُ: 117 وَغَيْرُهَا]، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي
عِيسَى: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ [النِّسَاءُ: 171]، وَإِطْلَاقُ الْكَلِمَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ إِطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، وَعَلَى هَذَا وَجْهُ رَبْطِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا أَظْهَرُ عَلَى مَا قِيلَ وَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا
[ ص: 101 ] قَالَ: ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وَكَانَ مُوهِمًا لِتَنَاهِي مُلْكِهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَرْدَفَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِعَدَمِ التَّنَاهِي، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ
الْإِمَامُ فِي الْمُرَادِ بِكَلِمَاتِهِ تَعَالَى إِلَّا أَنَّ فِي انْطِبَاقِهِ عَلَى سَبَبِ النُّزُولِ خَفَاءٌ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12150أَبِي مُسْلِمٍ: الْمُرَادُ بِهَا مَا وَعَدَ سُبْحَانَهُ بِهِ أَهْلَ طَاعَتِهِ مِنَ الثَّوَابِ، وَمَا أَوْعَدَ جَلَّ شَأْنُهُ بِهِ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ مِنَ الْعِقَابِ، وَكَأَنَّ الْآيَةَ عَلَيْهِ بَيَانٌ لِأَكْثَرِيَّةِ مَا لَمْ يَظْهَرْ بَعْدُ مِنْ مُلْكِهِ تَعَالَى بَعْدَ بَيَانِ كَثْرَةِ مَا ظَهَرَ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى مَا أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّمَا هَذَا كَلَامٌ يُوشِكُ أَنْ يَنْفَدَ، فَنَزَلَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ الْآيَةَ، وَفِي وَجْهِ رَبْطِ الْآيَةِ عَلَيْهِ بِمَا قَبْلَهَا، وَكَذَا بِمَا بَعْدَهَا خَفَاءٌ جِدًّا إِلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا مَدَنِيَّةً، وَإِيثَارُ الْجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَجَمْعِ الْمُذَكَّرِ جَمْعُ قِلَّةٍ لِإِشْعَارِهِ وَإِنِ اقْتَرَنَ بِمَا قَدْ يُفِيدُ مَعَهُ الِاسْتِغْرَاقَ وَالْعُمُومَ مِنْ أَلْ، أَوِ الْإِضَافَةِ نَظَرًا لِأَصْلِ وَضْعِهِ، وَهُوَ الْقِلَّةُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَفِي بِالْقَلِيلِ، فَكَيْفَ بِالْكَثِيرِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ «مَا نَفِدَ» بِغَيْرِ تَاءٍ، «كَلَامُ اللَّهِ» بَدَلَ كَلِمَاتِ اللَّهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لَا يُعْجِزُهُ جَلَّ شَأْنُهُ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27حَكِيمٌ لَا يَخْرُجُ عَنْ عِلْمِهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ نَفَادِ كَلِمَاتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.