الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2021 [ ص: 304 ] 52 - باب ما يستحب من الكيل

                                                                                                                                                                                                                              2128 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا الوليد ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كيلوا طعامكم يبارك لكم" . [فتح: 4 \ 345]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ثور ، عن خالد بن معدان ، عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه" .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                                                              و (ثور) (خ . الأربعة) هو ابن يزيد الكلاعي الحمصي من أفراده ، أما ثور (ع) بن زيد الديلي ، فاتفقا عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وأخرجه ابن ماجه من حديث بقية ، عن بحير بن سعد ، عن خالد ، عن المقدام ، عن أبي أيوب ، فجعله من مسند أبي أيوب .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه إسماعيل بن عياش ، عن بحير به ، وقال الدارقطني في "علله" : القول قول بحير لأنه زاد . وأخرجه ابن ماجه أيضا من حديث إسماعيل بن عياش عن محمد بن عبد الرحمن الحمصي ، عن عبد الله بن بسر . وقال البيهقي : رواه أبو الربيع الزهراني ، عن ابن [ ص: 305 ] المبارك ، عن ثور ، عن خالد ، عن جبير بن نفير ، عن المقدام . أخرجه من طريق الإسماعيلي عن المنيعي عنه . وكذا ذكره الإسماعيلي في "مستخرجه" من حديث أبي الربيع كذلك . وفي "علل ابن أبي حاتم" عن أبيه : هذا الصحيح ; لأن ثورا زاد رجلا ، وهو أشبه بالصواب .

                                                                                                                                                                                                                              أما فقه الباب : فالكيل مندوب فيما ينفقه المرء على عياله ; والسر فيه معرفة ما يقوته ويستغله ، وقد ندب الشارع إليه معللا بالبركة ، ويحتمل أنهم كانوا يأكلون بلا كيل فيزيدون في الأكل ، فلا يبلغ بهم الطعام إلى المدة التي كانوا يتقدرونها ، فندبهم الشارع إليه ; أي : أخرجوا بكيل معلوم يبلغكم إلى المدة التي قدرتم مع ما وضع الله تعالى من البركة في مد أهل المدينة بدعوته .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن الجوزي : يشبه أن تكون هذه البركة للتسمية عليه ; فإن قلت : هذا معارض بما ذكرته عائشة : كان عندي شطر شعير فأكلت منه حتى كال علي ، فكلته ففني . فالجواب : أن معناه أنها كانت تخرج قوتها بغير كيل ، وهي متقوتة باليسير ، فيبارك لها فيه مع بركته - عليه السلام - الباقية عليها وفي بيتها ، فلما كالته علمت المدة التي يبلغ إليها ففني عند انقضائها ، لا أن الكيل وكد فيه أن يفنى ، وقيل أيضا ; إنه معارض بما روي أنه - عليه السلام - دخل على حفصة فوجدها تكتال ، فقال [ ص: 306 ] "لا توكي يوك الله عليك" ، قالوا : قال ذاك في معنى الإحصاء على الخادم والتضييق ، أما إذا كان على معنى المقادير وما يكفي الإنسان فهو الذي في حديث الباب ، وقد كان الشارع يدخر لأهله قوت سنة ، ولم يكن ذلك إلا بعد معرفة الكيل .

                                                                                                                                                                                                                              وقال المحب في "أحكامه" : أنها كالته ناظرة إلى مقتضى العادة ، ولو قصدت البركة في كيلها لانخرقت لها العادة ، ويشبه هذا قول أبي رافع : وهل للشاة إلا ذراعان . أو يحمل الأول على القبض أولا ثم تلف عنه بعد ، أو يحمل الأول على ما إذا أراد ادخاره ، فإنه إذا كاله بعد شك في الإجابة .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة : في الحديث النظر في المعيشة خير من بعض التجارة ، ويقال : ما عال من اقتصد .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 307 ] وقال أبو الدرداء : من فقهك عويمر إصلاحك معيشتك .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية