الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويسلمه في صناعة ) ; لأنه من باب تثقيفه وحفظ حاله . قال ( ويؤاجره ) قال العبد الضعيف : وهذا رواية القدوري في مختصره ، وفي الجامع الصغير : لا يجوز أن يؤاجره ، ذكره في الكراهية وهو الأصح . وجه الأول أنه يرجع إلى تثقيفه . ووجه الثاني أنه لا يملك إتلاف منافعه فأشبه العم . بخلاف الأم ; لأنها تملكه على ما نذكره في الكراهية إن شاء الله تعالى .

[ ص: 118 ]

التالي السابق


قال ( القدوري : ويسلمه في صناعة ; لأنه من باب التثقيف وحفظ حاله ) عن الشتات وصيانته عن الفساد . ثم ( قال ) القدوري ( ويؤاجره ) ; لأنه من التثقيف يعني التقويم ( وفي الجامع الصغير : لا يجوز أن يؤاجره ذكره في الكراهية ) قال المصنف ( وهو الأصح ) ; لأنه لا يملك إتلاف منافعه فلا يملك تمليكها ( فأشبه العم ، بخلاف الأم ; لأنها تملك إتلاف منافعه ) بالاستخدام والإعارة بلا عوض ، فبالعوض بالإجارة أولى .



[ فروع ] ادعاه الملتقط عبدا له بعدما عرف الالتقاط لا يصدق إلا ببينة كالخارج ، ولو ادعاه ذمي ، وأقام بينة من أهل الذمة أنه ابنه لا عبرة بها ; لأن نسبه ثبت بمجرد دعواه . وأثر هذه البينة في كونه كافرا ولا يثبت بذلك .



ولو وجده مسلم وكافر فتنازعا في كونه عند أحدهما قضي به للمسلم ; لأنه محكوم له بالإسلام فكان المسلم أولى بحفظه ; ولأنه يعلمه أحكام الإسلام ، بخلاف الكافر .



وإذا بلغ اللقيط فأقر أنه عبد فلان وفلان يدعيه . إن كان قبل أن يقضى عليه بما لا يقضى به إلا على الأحرار كالحد الكامل ونحوه صح إقراره ، وصار عبدا ; لأنه غير متهم فيه ، وإن كان بعد القضاء بنحو ذلك لا يقبل ولا يصير به عبدا ; لأن فيه إبطال حكم الحاكم ولأنه مكذب شرعا في ذلك ، فهو كما لو كذبه الذي أقر له بالرق ، ولو كان اللقيطة امرأة فأقرت بالرق بعدما كبرت إن كان بعد التزويج صح وكانت أمة للمقر له ، ولا تصدق في إبطال النكاح ; لأن الرق لا ينافي النكاح ابتداء ولا بقاء فليس من ضرورة الحكم برقها انتفاء النكاح .



ولو بلغ فتزوج امرأة ثم أقر أنه عبد لفلان ولامرأته عليه صداق وصداقها لازم عليه لا يصدق في إبطاله ; لأنه دين ظهر وجوبه فهو متهم في إقراره هذا ، وكذا إذا استدان دينا أو بايع إنسانا أو كفل كفالة أو وهب أو تصدق وسلم أو دبر أو كاتب أو أعتق ثم أقر أنه عبد لفلان لا يصدق في إبطال شيء من ذلك ; لأنه متهم ، وتقدم أن ميراثه لبيت المال ، فلو أنه والى رجلا بعدما أدرك الملتقط أو غيره ، فإن كان قبل أن يتأكد ولاؤه لبيت المال بأن جنى جناية وعقله بيت المال فلا يصح ولا ينتقل ميراثه عن بيت المال ، وإن كان قبل ذلك جاز ; لأن ولاءه لم يتأكد لبيت المال فله أن يوالي من شاء وصار كالذي أسلم من أهل الحرب له أن يوالي من شاء إلا أن يجني فيعقله بيت المال .



[ ص: 118 ] كتاب اللقطة

هي فعلة بفتح العين وصف مبالغة للفاعل كهمزة ولمزة ولعنة وضحكة لكثير الهمز وغيره ، وبسكونها للمفعول كضحكة وهزأة للذي يضحك منه ويهزأ به . وإنما قيل للمال لقطة بالفتح لأن طباع النفوس في الغالب تبادر إلى التقاطه لأنه مال ، فصار المال باعتبار أنه داع إلى أخذه بمعنى فيه نفسه كأنه الكثير الالتقاط مجازا ، وإلا فحقيقته الملتقط الكثير الالتقاط . وما عن الأصمعي وابن الأعرابي أنه بفتح القاف اسم للمال أيضا فمحمول على هذا : يعني يطلق على المال أيضا .

ثم اختلف في صفة رفعها فنقل عن المتقشفة أنه لا يحل له لأنه مال الغير فلا يضع يده عليه بغير إذنه وبعض التابعين ، وبه قال أحمد يحل ، والترك أفضل ، أما الحل فلأنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك ولا أنكر على من فعله بل أمره بتعريفها على ما سنذكر .

وأسند إسحاق بن راهويه عنه صلى الله عليه وسلم { من أصاب لقطة فليشهد ذا عدل } وأما أفضلية الترك فلأن صاحبها يطلبها في المكان الذي فقدها فيه ولو لم يذكر خصوص المكان ، فإذا تركها كل أحد فالظاهر أن يجدها صاحبها لأنه لا بد عادة أن يمر في ذلك المكان مرة أخرى في عمره ، ولأن الظاهر أن سقوطها في أثناء الطرقات التي يمر بها أو يجلس في عادة أمره وعامة الفقهاء على أنه إليه ، وقيده الطحاوي وغيره بما إذا كان يأمن على نفسه ، فإن كان لا يأمن يتركها ، ولأنه يجوز أن تصل يد خائنة إليها ، فإن غلب على ظنه ذلك إن لم يأخذها ففي الخلاصة يفترض الرفع ، ولو رفعها ثم بدا له أن يضعها مكانها ففي ظاهر الرواية لا ضمان عليه وسنذكره




الخدمات العلمية