الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وعن علي رضي الله عنه في السارق تقطع يده اليمنى فإن عاد قطعت رجله اليسرى فإن عاد استودعته السجن إني لأستحيي من الله تعالى أن لا أدع له يدا يأكل بها ورجلا يمشي عليها ، وذكر في الأصل أنه عرض السجون فأتي برجل قد قطعت يده ورجله ، وقد سرق فقال : ما ترون فيه ، قال : بعضهم تقطع يده اليسرى فقال : ليس ذلك عليه فبأي شيء يستنجي ويرفع لقمته ، وقال بعضهم تقطع : رجله اليمنى فقال : ما ذاك عليه فبأي شيء يمشي إلى حاجته قال إبراهيم رحمه الله تعالى ، وقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم من قال أقطعه حتى أتي على قوائمه كلها يريد به قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومنهم من قال أقطع يده ورجله ثم أحبسه يريد به قول علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال [ ص: 141 ] هذا أحب إلي وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى لأن القطع شرع زاجرا لا متلفا ، وفي تفويت منفعة الجنس إتلاف حكمي على ما أشار إليه علي رضي الله عنه وسيأتي بيان هذا الفصل ، وذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أضاف أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقطع اليد والرجل فكان يصلي بالليل فقال له أبو بكر رضي الله عنه من قطعك فقال يعلى بن أمية باليمن قال أبو بكر رضي الله عنه ما ليلك بليل سارق ثم أغار على حلي لأسماء فسرقه ثم أصبح يدعو مع القوم على من سرق أهل البيت الصالح ، وفي رواية كان يقول : اللهم أظهر فلم يقم القوم حتى أتي بصائغ بالمدينة عنده الحلي فقال أتاني به هذا الأقطع واعترف فقال أبو بكر رضي الله عنه لعزته بالله أعز علي من سرقته ، وفي رواية ما أجهلك بالله ، فقال عمر رضي الله عنه : والله لا أبرح حتى يقطع فقطعت يده اليسرى .

وقد ذكرنا في كتاب الإكراه أنه كان أقطع اليد فقطع أبو بكر رضي الله عنه رجله اليسرى وليس لحكاية الحال عموما فعند اختلاف الرواية فيه يضعف الاستدلال به والإشكال في الحديث أنه كان ضيفا عند أبي بكر رضي الله عنه والضيف إذا سرق من بيت المضيف لا يقطع ; لأنه مأذون بالدخول في الحرز ، ولكن تأويله أن بيت الضيافة لأبي بكر رضي الله عنه كان منفصلا عن بيت العيال فلم يكن الضيف مأذونا في بيت العيال فلهذا قطعه ، وفيه دليل على أنه لا يعتمد على ظاهر حال الرجل في دعائه وصلاته ، وقد كان يصلي بالليل ثم كان مقصوده السرقة لا الصلاة وتمام فوائد الحديث نبينه في الإكراه إن شاء الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية