الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( من فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر ) كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قضى الفجر غداة ليلة التعريس بجماعة ( وإن كان وحده خافت حتما ولا يتخير هو الصحيح ) لأن الجهر يختص [ ص: 328 ] إما بالجماعة حتما أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد أحدهما

التالي السابق


( قوله غداة ليلة التعريس ) روى محمد بن الحسن في كتاب الآثار : أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال { عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يحرسنا الليلة ؟ فقال رجل من الأنصار شاب : أنا يا رسول الله أحرسكم ، فحرسهم حتى إذا كان من الصبح غلبته عينه فما استيقظوا إلا بحر الشمس ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ أصحابه وأمر المؤذن فأذن وصلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الفجر بأصحابه وجهر فيها بالقراءة كما كان يصليها في وقتها } . وهذا مرسل ، وهو حجة عندنا وعند الجمهور ، ولو لم يكن لكن يعتضد به حمل ما في مسلم { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تسيرون عشيتكم ، إلى أن قال : فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره ، قال : فقمنا فزعين ثم قال : اركبوا فركبنا وسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من الماء ، إلى أن قال : ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم } على ما يعم الجهر وغيره من الأركان كما هو ظاهر اللفظ لا على مجرد استيفاء الأركان كأحد قولي الشافعي لأنه خلاف الظاهر بلا موجب ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن قول شمس الأئمة وفخر الإسلام وقاضي خان : يتخير والجهر أفضل هو الصحيح [ ص: 328 ] وفي الذخيرة هو الأصح لأن القضاء يحكي الأداء ، وقوله لأن الجهر إلخ حاصله أن الحكم الشرعي ينتفي بنفي المدرك الشرعي ، والمعلوم من الشرع كون الجهر على المنفرد تخييرا في الوقت وحتما على الإمام مطلقا ، ولولا الأثر المذكور لقلنا بتقيده بالوقت في الإمام أيضا ، ومثله في المنفرد معدوم فبقي الجهر في حقه على الانتفاء الأصلي ، وهذا يتوقف على أن الأصل فيه شرعية الإخفاء ، والجهر يعارضه دليل آخر فعند فقده يرجع إليه ، وفيه نظر ، بل ظاهر نقلهم { أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر في الصلوات كلها فشرع الكفار يغلطونه كما يشير إليه قوله تعالى { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } فأخفى صلى الله عليه وسلم إلا في الأوقات الثلاثة فإنهم كانوا غيبا نائمين وبالطعام مشغولين } فاستقر كذلك يقتضي أن الأصل الجهر ، والإخفاء يعارض ، وأيضا نفي المدرك ممنوع بل هو القياس على أدائها بعد الوقت بأذان وإقامة ، بل أولى لأن فيهما الإعلام بدخول الوقت والشروع في الصلاة ، وقد سن بعد ذلك في القضاء وإن لم تكن ثمة من يعلمه بهما ، فعلم أن المقصود مراعاة هيئة الجماعة .

وقد روي { من صلى على هيئة الجماعة صلت بصلاته صفوف من الملائكة } ذكره في شرح الكنز




الخدمات العلمية