الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وعن الجمع بين الصلاتين في وقت بعذر ) أي منع عن الجمع بينهما في وقت واحد بسبب العذر للنصوص القطعية بتعيين الأوقات فلا يجوز تركه إلا بدليل مثله ولرواية الصحيحين قال عبد الله بن مسعود { والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع } ، وأما ما روي من الجمع بينهما فمحمول على الجمع فعلا بأن صلى الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها ويحمل تصريح الراوي بالوقت على المجاز لقربه منه والمنع عن الجمع المذكور عندنا مقتض للفساد إن كان جمع تقديم وللحرمة إن كان جمع تأخير مع الصحة كما لا يخفى وذهب الشافعي وغيره من الأئمة إلى جواز الجمع للمسافر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، وقد شاهدت كثيرا من الناس في الأسفار خصوصا في سفر الحج ماشين على هذا تقليدا للإمام الشافعي في ذلك إلا أنهم يخلون بما ذكرت الشافعية في كتبهم من الشروط له فأحببت إيرادها إبانة لفعله على وجهه لمريده ، اعلم أنهم بعد أن اتفقوا على أن فعل كل صلاة في وقتها أفضل إلا للحاج في الظهر والعصر بعرفة وفي حق المغرب والعشاء بمزدلفة قالوا شروط التقديم ثلاثة البداءة بالأولى ونية الجمع بينهما ومحل هذه النية عند التحريم أعني في الأولى ويجوز في أثنائها في الأظهر ولو نوى مع السلام منها جاز على الأصح والموالاة بأن لا يطول بينهما فصل ، فإن طال وجب تأخير الثانية إلى وقتها ولا يضر فصل يسير وما عده العرف فصلا طويلا فهو طويل يضر ومالا فلا وللمتيمم الجمع على الصحيح ولا يشترط على الصحيح في جوازنا تأخير الأولى إلى الثانية سوى تأخيرها بنية الجمع بينهما والأصح أنه إن نوى ، وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة كفى على ما في الرافعي والروضة واعتبر في شرح المهذب قدر الصلاة ، فإن لم ينو كما ذكرنا وأخر عصى في التأخير وكانت صلاته قضاء قالوا وإذا كان سائرا وقت الأولى فتأخيرها إلى وقت الثانية أفضل ، وإن كان نازلا فتقديم الثانية إلى وقت الأولى أفضل ذكره ابن أمير حاج في مناسكه والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية