الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
594 - ( 41 ) - حديث : { من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة يوم الجمعة ، فليضف إليها أخرى ، ومن لم يدرك الركوع من الركعة الأخيرة ، فليصل الظهر أربعا }. الدارقطني من حديث ياسين بن معاذ ، عن ابن شهاب ، عن سعيد ، وفي رواية له عن سعيد وأبي سلمة ، عن أبي هريرة بلفظ : { إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك ، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى ، [ ص: 85 ] وإن لم يدرك ركعة فليصل أربع ركعات }. وياسين : ضعيف متروك . ورواه الدارقطني أيضا من حديث سليمان بن أبي داود الحراني ، عن الزهري ، عن سعيد وحده بلفظ المصنف سواء ، وسليمان : متروك أيضا ، ومن طريق صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة وحده نحو الأول ، وصالح ضعيف ، ورواه الحاكم من حديث الأوزاعي ، وأسامة بن زيد ، ومالك بن أنس ، وصالح بن أبي الأخضر ، ورواه ابن ماجه من حديث عمر بن حبيب ، وهو متروك ، عن ابن أبي ذئب كلهم عن الزهري ، عن أبي سلمة ، زاد ابن أبي ذئب وسعيد ، عن أبي هريرة بلفظ : { من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة }ورواه الدارقطني من رواية الحجاج بن أرطاة ، وعبد الرزاق بن عمر ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة كذلك ولم يذكروا كلهم الزيادة التي فيه من قوله : { ومن لم يدرك الركعة الأخيرة فليصل الظهر أربعا }ولا قيدوه بإدراك الركوع وأحسن طرق هذا الحديث رواية الأوزاعي على ما فيها من تدليس الوليد ، وقد قال ابن حبان في صحيحه : إنها كلها معلولة ، وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه : لا أصل لهذا الحديث ، إنما المتن : { من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها }. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في علله ، وقال : الصحيح { من أدرك من الصلاة ركعة }. وكذا قال العقيلي ، والله أعلم . وله طريق أخرى من غير طريق الزهري ، رواه الدارقطني من حديث داود ابن أبي هند ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، وفيه يحيى بن راشد البراء ، وهو ضعيف . [ ص: 86 ] وقال الدارقطني في العلل : حديثه غير محفوظ ، وقد روي عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه عن سعيد بن المسيب قوله : وهو أشبه بالصواب ، ورواه الدارقطني أيضا من طريق عمر بن قيس ، وهو متروك ، عن أبي سلمة وسعيد جميعا ، عن أبي هريرة .

وفي الباب عن ابن عمر رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني ، من حديث بقية حدثني يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه رفعه : { من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها ، فليضف إليها أخرى ، وقد تمت صلاته }. وفي لفظ : { فقد أدرك الصلاة }قال ابن أبي داود ، والدارقطني : تفرد به بقية عن يونس . وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه : هذا خطأ في المتن والإسناد ، وإنما هو عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : { من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها }وأما قوله : { من صلاة الجمعة }فوهم ، قلت : إن سلم من وهم بقية ، ففيه تدليس التسوية ; لأنه عنعن لشيخه ، وله طريق أخرى أخرجها ابن حبان في الضعفاء من حديث إبراهيم بن عطية الثقفي ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري به ، قال : وإبراهيم منكر الحديث جدا ، وكان هشيم يدلس عنه أخبارا لا أصل لها ، وهو حديث خطأ ، ورواه يعيش بن الجهم ، عن عبد الله بن نمير ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر . أخرجه . [ ص: 87 ] الدارقطني ، وأخرجه أيضا من حديث عيسى بن إبراهيم ، عن عبد العزيز بن مسلم ، والطبراني في الأوسط من حديث إبراهيم بن سليمان الدباس ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن يحيى بن سعيد ، وادعى أن عبد العزيز تفرد به عن يحيى بن سعيد ، وأن إبراهيم تفرد به عن عبد العزيز ، ووهم في الأمرين معا كما تراه ، وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه ، وصوب وقفه .

595 - ( 42 ) - حديث أبي بكرة : { أنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع ، فركع ، ثم دخل الصف ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، ووقعت ركعة معتد بها }. متفق عليه ، وقد تقدم دون قوله : ووقعت . . . إلى آخره ، فهو من كلام المصنف قاله تفقها .

596 - ( 43 ) - حديث أبي هريرة : { من أدرك في الركوع فليركع معه ، وليعد الركعة }. البخاري في القراءة خلف الإمام من حديث أبي هريرة أنه قال : { إذا أدركت القوم ركوعا لم يعتد بتلك الركعة }. وهذا هو المعروف موقوف ، وأما المرفوع فلا أصل له ، وعزاه الرافعي تبعا للإمام أن أبا عاصم العبادي حكى عن ابن خزيمة أنه احتج بذلك ، قلت : وراجعت صحيح ابن خزيمة فوجدته أخرج عن أبي هريرة : { من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه }. وترجم له ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة إذ ركع إمامه قبل ، وهذا مغاير لما نقلوه عنه ، ويؤيد ذلك أنه ترجم بعد ذلك : باب إدراك الإمام ساجدا والأمر بالاقتداء به في السجود ، وألا يعتد به ، إذ المدرك للسجدة إنما يكون بإدراك الركوع قبلها . وأخرج فيه من حديث أبي هريرة أيضا مرفوعا : { إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ، ولا تعدوها شيئا ، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة }. [ ص: 88 ] وذكر الدارقطني في العلل نحوه عن معاذ وهو مرسل .

597 - ( 44 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال ، فليصنع كما يصنع الإمام } الترمذي من حديث علي ومعاذ بن جبل ، وفيه ضعف وانقطاع ، وقال : لا نعلم أحدا أسنده إلا من هذا الوجه ، واختاره عبد الله بن المبارك ، وذكر عن بعضهم أنه قال : لعله لا يرفع رأسه من تلك السجدة حتى يغفر له ، انتهى .

وروى أحمد وأبو داود من حديث ابن أبي ليلى ، عن معاذ قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال - فذكر الحديث - وفيه : { فجاء معاذ فقال : لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ، ثم قضيت ما سبقني قال : فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها ، قال : فقمت معه ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته ، قام يقضي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد سن لكم معاذ فهكذا فاصنعوا }. وعبد الرحمن لم يسمع من معاذ ، لكن رواه أبو داود من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ثنا أصحابنا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام - فذكر الحديث - وفيه : فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها - الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية