الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3932 [ 2017 ] وعن بسر بن سعيد: أن زيد بن خالد الجهني حدثه، ومع بسر عبيد الله الخولاني، أن أبا طلحة حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة. قال بسر: فمرض زيد بن خالد، فعدناه; فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يحدثنا في التصاوير؟ قال: إنه قال: إلا رقما في ثوب، ألم تسمعه؟ قلت: لا، قال: بلى، قد ذكر ذلك.

                                                                                              رواه أحمد (4 \ 28) والبخاري (3226) ومسلم (2106) (86) والنسائي (8 \ 212).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول بسر لعبيد الله الخولاني : ( ألم يحدثنا في التصاوير ؟) يعني: زيد بن [ ص: 424 ] خالد وذلك: أنه لما دخل منزل زيد فرأى الستر فيه صور ذكر بسر عبيد الله الخولاني بالحديث الذي حدثهم به زيد عن أبي طلحة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ) وكان أبو طلحة قد ذكر مع ذلك - متصلا به - قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إلا ما كان رقما في ثوب ) فاستثنى المرقوم من الصور. فحصل منه: أن الملائكة لا تمتنع من دخول بيت فيه صورة مرقومة. ومن هنا: فهم القاسم بن محمد جواز اتخاذها في البيوت مطلقا، كما حكيناه عنه ترجيحا لهذا الحديث على حديث عائشة ، أو نسخا له، وفيه بعد.

                                                                                              والجمهور على المنع. فمنهم من منعه تحريما، وهو مذهب ابن شهاب ترجيحا لحديث عائشة على حديث زيد ، والجمهور حملوه على الكراهة، وهو الأولى إن شاء الله; إذ ليس نصا في التحريم، فأقل ما يحمل ما ظهر منه على الكراهة. وحديث زيد لا يقتضي الجواز، وإنما مقتضاه: أن الملائكة تدخل البيت الذي فيه الصور المرقومة بخلاف الصور ذوات الظل; فإنها لا تدخل بيتا هي فيه. وهذا وجه حسن; غير أنه تكدر بما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام فيه صور، وكان في البيت كلب) وذكر الحديث. وهذا يدل دلالة واضحة أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة مرقومة، وعند هذا يتحقق التعارض. والمخلص منه [ ص: 425 ] الترجيح، ولا شك في ترجيح حديث مسلم ، فالتمسك به على ما قررناه أولا، والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية