الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2059 2167 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عبيد الله قال : حدثني نافع ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانهم ، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه . [انظر : 2123 - مسلم: 1517 ، 1527 - فتح: 4 \ 375]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث نافع عن عبد الله قال : كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام ، فنهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى يبلغ به سوق الطعام .

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو عبد الله : هذا في أعلى السوق ، ويبينه حديث عبيد الله .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساقه من حديثه عن نافع عن عبد الله قال : كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانهم ، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه .

                                                                                                                                                                                                                              هذان الحديثان أخرجهما مسلم بنحوه .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (هذا في أعلى السوق) يريد أنهم كانوا يتلقونه في أعلى السوق وذلك جائز ، وبينه ابن عمر بقوله : كانوا يتبايعونه في أعلاه [ ص: 419 ] وإن ما كان خارجا عن السوق في الحاضرة أو قريبا منها بحيث يجد من يسأله عن سعرها أنه لا يجوز الشراء هنالك ; لأنه داخل في معنى التلقي ، وأما الموضع البعيد الذي لا يقدر فيه على ذلك فيجوز فيه البيع وليس بتلق ، قال مالك : وأكره أن يشتري في نواحي العصر حتى يهبط السوق ، وهذا أسلفناه في الباب الماضي .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر : وبلغني هذا القول عن أحمد وإسحاق أنهما نهيا عن التلقي خارج السوق ورخصا في ذلك في أعلاه ، واحتجا بحديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه - عليه السلام - نهى عن تلقي السلع حتى يهبط بها الأسواق .

                                                                                                                                                                                                                              ومذاهب العلماء في حد التلقي متقاربة ، روي عن يحيى بن سعيد أنه قال : في مقدار الميل من المدينة أو آخر منازلها ، هو من تلقي البيوع المنهي عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن القاسم عن مالك أن الميل من المدينة تلق ، قيل له : فإن كان على ستة أميال ؟ قال : لا بأس بالشرى وليس بتلق . وروى أشهب عنه في (الصحانين) الذين يخرجون إلى الأجنة فيشترون الفاكهة قال : ذلك تلق ، وقال أشهب : لا بأس به ، وليس ذلك بتلق ; لأنهم يشترون في مواضعه من غير جالب . وقال ابن حبيب : لا يجوز ذلك في الحضر أن يشتري ما مر به من السلع ، وإن كان على بابه إذا كان لها مواقف في السوق تباع فيها ، وهو متلق إن فعل ذلك ، وما لم يكن [ ص: 420 ] لها موقف وإنما يطاف بها فأدخلت أزقة الحاضرة فلا بأس أن يشتري وإن لم تبلغ السوق . وقال الليث : من كان على بابه أو في طريقه فمرت به سلعة فاشتراها ، فلا بأس بذلك ، والتلقي عنده الخارج القاصد إليه ، قال ابن حبيب : ومن كان موضعه غير الحاضرة قريبا منها أو بعيدا ، لا بأس أن يشترى ما مر به للأكل خاصة لا للبيع ، رواه أشهب عن مالك .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية