الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  815 ( باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل الثوم أو البصل من الجوع أو غيره ، فلا يقربن مسجدنا

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان ما جاء في أكل الثوم النيء وأكل البصل والكراث .

                                                                                                                                                                                  الثوم ، بضم الثاء المثلثة . وقوله : " النيء " ، بالجر صفته ، أي : غير النضيج ، هو بكسر النون بعدها ياء آخر الحروف ثم همزة وقد تدغم الياء . قوله : " والبصل " ، أي : وما جاء في البصل . قوله : " والكراث " ، أي : وما جاء في الكراث ، وهو بضم الكاف وتشديد الراء . قوله : " وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ، بالجر عطفا على قوله : " ما جاء " ، أي : وما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل البصل ، إلى آخره ، وهذا أيضا من جملة الترجمة وليس لفظ الحديث هكذا ، بل هذا من تصرف البخاري وتجويزه نقل الحديث بالمعنى . ( فإن قلت ) : ليس في أحاديث الباب ذكر الكراث فلم ذكره في الترجمة ؟ ( قلت ) : قال بعضهم كأنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر ، وهذا أولى من قول بعضهم أنه قاسه على البصل ، انتهى . قلت : روى مسلم في صحيحه من حديث جابر قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث ، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل من هذه الشجرة المنتنة ، فلا يقربن مسجدنا . وفي مسند الحميدي بإسناد على شرط الصحيح : سئل جابر عن الثوم فقال : ما كان بأرضنا يومئذ ثوم ، إنما الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه البصل والكراث . وفي مسند السراج : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الكراث ، فلم ينتهوا ، ثم لم يجدوا بدا من أكلها ، فوجد ريحها فقال : ألم أنهكم .. الحديث . فالكراث إن لم يذكر صريحا في أحاديث الباب فيمكن أن نقول إنه مذكور دلالة ، فإن حديث جابر الذي يأتي فيه : وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا .. الحديث ، يدل أن من جملة الخضرات التي لها ريح هو الكراث ، وهو أيضا من البقول ، فحينئذ تقع المطابقة بينه وبين قوله في الترجمة : " والكراث " ، ووجود التطابق بين التراجم والأحاديث لا يلزم أن يكون صريحا دائما ، يظهر ذلك بالتأمل ، وهذا التوجيه أقرب من قول هذا القائل ، كأنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر رضي الله تعالى عنه ، وقوله هذا أولى من قول بعضهم أنه قاسه على البصل ، أراد به صاحب التوضيح ، فإنه قاله هكذا ، وهذا أبعد من الذي قاله .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : قوله " من الجوع " ، لم يذكر صريحا في أحاديث الباب . ( قلت ) : لم يقع هذا إلا في كلام الصحابي ، وهو في حديث جابر الذي ذكرناه الآن ، وفيه : فغلبتنا الحاجة ، ومن جملة الحاجة الجوع ، وأصرح منه ما وقع في حديث أبي سعيد : لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس [ ص: 145 ] جياع .. الحديث ، رواه البيهقي وزعم أنه عند مسلم .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ أو غيره " ، أي : أو غير الجوع ، مثل : الأكل بالتشهي والتأدم بالخبز .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية