الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا ( 4 ) )

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء الكافرون بالله ، الذين اتخذوا من دونه آلهة : ما هذا القرآن الذي جاءنا به محمد ( إلا إفك ) يعني : إلا كذب وبهتان ( افتراه ) اختلقه وتخرصه بقوله : ( وأعانه عليه قوم آخرون ) ذكر أنهم كانوا يقولون : إنما يعلم محمدا هذا الذي يجيئنا به اليهود ، فذلك قوله : ( وأعانه عليه قوم آخرون ) يقول : وأعان محمدا على هذا الإفك الذي افتراه يهود .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وأعانه عليه قوم آخرون ) قال : يهود .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) يقول تعالى ذكره : فقد أتى قائلو هذه المقالة ، يعني الذين قالوا : ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) ظلما ، يعني بالظلم نسبتهم كلام الله وتنزيله إلى أنه إفك افتراه محمد صلى الله عليه وسلم . وقد بينا فيما مضى [ ص: 238 ] أن معنى الظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، فكان ظلم قائلي هذه المقالة القرآن بقيلهم هذا وصفهم إياه بغير صفته ، والزور : أصله تحسين الباطل . فتأويل الكلام : فقد أتى هؤلاء القوم في قيلهم ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) كذبا محضا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثني القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) قال : كذبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية