الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قال عما قليل ليصبحن نادمين ( 40 ) ) .

قوله تعالى : ( عما قليل ) : " ما " زائدة .

وقيل : هي بمعنى شيء ، أو زمن . وقيل : بدل منها .

وفي الكلام قسم محذوف جوابه : " ليصبحن "

و " عن " يتعلق بيصبحن ، لم تمنع اللام ذلك كما منعتها لام الابتداء ، وأجازوا : زيد لأضربن ; لأن اللام للتوكيد ; فهي مثل قد ، ومثل لام التوكيد في خبر إن ; كقوله : ( بلقاء ربهم لكافرون ) [ الروم : 8 ] .

وقيل : اللام هنا تمنع من التقديم إلا في الظروف ، فإنه يتوسع فيها .

قال تعالى : ( ثم أرسلنا رسلنا تترى كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون ( 44 ) ) .

قوله تعالى : ( تترى ) : التاء بدل من الواو ; لأنه من المواترة ، وهي المتابعة ; وذلك من قولهم : جاءوا على وتيرة ; أي طريقة واحدة ، وهو نصب على الحال ; أي متتابعين ، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال . وقيل : هو صفة لمصدر محذوف ; أي إرسالا متواترا .

وفي ألفها ثلاثة أوجه ; أحدها : هي للإلحاق بجعفر ، كالألف في أرطى ; ولذلك تؤنث في قول من صرفها . والثاني : هي بدل من التنوين . والثالث : هي للتأنيث ، مثل سكرى ; ولذلك لا تنون على قول من منع الصرف .

قال تعالى : ( ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين ( 45 ) ) .

قوله تعالى : ( هارون ) : هو بدل من " أخاه " .

قال تعالى : ( فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ( 47 ) ) .

قوله تعالى : ( مثلنا ) : إنما لم يثن لأن " مثلا " في حكم المصدر ، وقد جاءت تثنيته وجمعه في قوله : ( يرونهم مثليهم ) [ آل عمران : 13 ] وفي قوله تعالى : ( ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] .

[ ص: 237 ] وقيل : إنما وحد لأن المراد المماثلة في البشرية ، وليس المراد الكمية .

وقيل : اكتفى بالواحد عن الاثنين .

قال تعالى : ( وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ( 50 ) ) .

قوله تعالى : ( وأمه آية ) : قد ذكر في الأنبياء .

قوله تعالى : ( ومعين ) : فيه وجهان ; أحدهما : هو فعيل من المعن ، وهو الشيء القليل ، ومنه الماعون . وقيل : الماعون : الماء ، فالميم أصل . والثاني : الميم زائدة ، وهو من عنته إذا أبصرته بعينك ، وأصله معيون .

قال تعالى : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( 52 ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( 53 ) ) قوله تعالى : ( وإن هذه ) : يقرأ بفتح الهمزة . وفيه ثلاثة أوجه ; أحدها : تقديره : ولأن ، واللام المقدرة تتعلق بـ " فاتقون " أي فاتقون لأن هذه . . . . وموضع أن نصب ، أو جر على ما حكينا من الاختلاف في غير موضع . والثاني : أنه معطوف على ما قبله ، تقديره : إني بما تعملون عليم وبأن هذه . والثالث : أن في الكلام حذفا ; أي واعلموا أن هذه .

ويقرأ بتخفيف النون ، وهي مخففة من الثقيلة .

ويقرأ بالكسر على الاستئناف .

و ( أمتكم أمة واحدة ) : قد ذكر في الأنبياء ، وكذلك : " فتقطعوا أمرهم بينهم " و ( زبرا ) بضمتين : جمع زبور ، مثل رسول ورسل .

ويقرأ بالتسكين على هذا المعنى .

ويقرأ بفتح الباء ، وهو جمع زبرة ، وهي القطعة أو الفرقة ; والنصب على الوجه الأول على الحال من " أمرهم " أي مثل كتب . وقيل : من ضمير الفاعل . وقيل : هو مفعول ثان لتقطعوا ; وعلى الوجه الثاني : هو حال من الفاعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية