الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2068 2177 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز" [انظر : 2176 - مسلم: 1584 و 1596 - فتح: 4 \ 379]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عمر : أن أبا سعيد الخدري حدثه مثل ذلك حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلقيه عبد الله بن عمر فقال : يا أبا سعيد ، ما هذا الذي تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال أبو سعيد : في الصرف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الذهب بالذهب مثلا بمثل ، والورق بالورق مثلا بمثل" .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض" وذكر مثله في الفضة "ولا تبيعوا منها غائبا بناجز" .

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي سعيد أخرجه مسلم وفي رواية له : "لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء" .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 443 ] وفي السند الأول : حدثنا عبيد الله بن سعد ، ثنا عمر بن يعقوب بن إبراهيم ، ثنا ابن أخي الزهري ، عن عمه .

                                                                                                                                                                                                                              وابن أخي الزهري هو : محمد بن عبد الله بن مسلم ، قتله غلمانه بأمر ابنه ، وكان سفيها شاطرا ، قتله للميراث في آخر خلافة أبي جعفر ، ثم وثب غلمانه عليه بعد سنين فقتلوه أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا في ذلك الباب معنى "ولا تشفوا" والمراد هنا : الزيادة ، وهذا يرد على ابن عباس أنه كان يجيز الدرهم بالدرهمين يدا بيد ، ويقول : إنما الربا في النسيئة ، وقد سلف ما فيه هناك ، والإجماع على خلافه سلف عن خلف ، وبذلك كتب الصديق إلى عماله ، وروي مثله عن علي ، وروى مجاهد عن ثمانية عشر من الصحابة مثله .

                                                                                                                                                                                                                              والشارع حرم الربا ; حراسة للأموال وحفظا لها ، فلا يجوز واحد باثنين من جنسه ; لاتفاق الأغراض بخلاف غير الجنس ; لاختلاف الأغراض والمنافع ، ولذلك قال : "وبيعوا الذهب بالفضة -وعكسه- كيف شئتم كان يدا بيد" .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 444 ] و (الناجز) : الحاضر ، يقال : نجز المال إذا حضر ، ومنه قوله : وما نجز فلان وعدا ، وفي إطلاق عدم الشف ما يقتضي تحريم قليل الزيادة وكثيرها أي : لا تبيعوا إحداهما زائدا على الأخرى ، تقول العرب : قد أشف فلان بعض بنيه على بعض : إذا فضل بعضهم على بعض . ويقال : ما أقرب شف ما بينهما -أي : فضل ما بينهما وفلان حريص على الشف ، يعني : الربح .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية