الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا قال له علي ألف درهم ، ولم يسم الألف قيل له أقر بأي ألف شئت إن شئت فلوسا ، وإن شئت تمرا ، وإن شئت خبزا ، وأعطه درهما معها ، وأحلف له أن الألف التي أقررت له بها هذه الألف التي [ ص: 241 ] بينتها فإنه ليس في قولك ، ودرهم ما يدل على أن ما مضى دراهم ، ولو زعمنا أن ذلك كذلك ما أحلفناك لو ادعى ألف دينار ، ولكن لما كان قولك محتملا لما هو أعلى من الدراهم وأدنى لم نجعل عليك الأعلى دون الأدنى ، ولا الأدنى دون الأعلى ، وهكذا لو قال ألف وكر حنطة أو ألف وعبد أو ألف وشاة لم نجعل ها هنا إلا ما وصفنا بأن الألف ما شاء وما سمى ، ولو جاز لنا أن نجعل الكلام الآخر دليلا على الأول لكان إذا أقر له بألف وعبد جعلنا عليه ألف عبد وعبدا . وهكذا لو أقر له بألف وكر حنطة جعلنا عليه ألف كر وكرا حنطة ، ولا يجوز إلا هذا ، وما قلت من أن يكون الألف ما شاء مع يمينه ، ويكون ما سمى كما سمى ، ولو أنه قال ألف وكر كان الكر ما شاء إن شاء فنورة ، وإن شاء فقصة ، وإن شاء فمدر يبني به بعد أن يحلف ، ولو قال له علي ألف إلا درهما قيل له أقر بأي ألف شئت إذا كان الدرهم يستثنى منها ثم يبقى شيء قل أو كثر كأنك أقررت له بألف فلس ، وكانت تسوى دراهم فيعطاها منك إلا درهما منها ، وذلك قدر درهم من الفلوس ، وهكذا إذا قلت ألف إلا كر حنطة ، وألف إلا عبدا أجبرت على أن تبقي بعد الاستثناء شيئا قل أو كثر ، ولو قال له علي ثوب في منديل قيل له قد يصلح أن تكون أقررت بثوب ومنديل ويصلح أن تكون أقررت له بثوب فجعلته في منديل لنفسك فتقول له : علي ثوب في منديل لي فعليك ثوب ، وتحلف ما أقررت له بمنديل . وأصل ما أقول من هذا أني ألزم الناس أبدا اليقين ، وأطرح عنهم الشك ، ولا أستعمل عليهم الأغلب . وهكذا إذا قال تمر في جراب أو ثمر في قارورة أو حنطة في مكيال أو ماء في جرة أو زيت في وعاء ، وإذا قال له علي كذا كذا أقر بما شاء واحدا ، وإن قال كذا وكذا أقر بما شاء اثنين ، وإن قال كذا وكذا درهما أعطاه درهمين لأن كذا يقع على درهم فإن قال كذا وكذا درهما قيل له أعطه درهما ، أو أكثر من قبل أن كذا يقع على أقل من درهم فإن كنت عنيت أن كذا وكذا التي بعدها أوفت عليك درهما فليس عليك أكثر منه ، والله تعالى الموفق للصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية