الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وهكذا لو ادعى رجل دينا أو غصبا أو شيئا على رجل فأنكر الرجل لم يكن له أن يأخذه إلا ببينة ، وعلى المنكر اليمين ، ولو أقر له بدعواه ، وادعى أنه قضاه إياه ففيها قولان أحدهما أن الدعوى لازمة له ، ودعواه البراءة غير مقبولة منه إلا ببينة ، ومن قال هذا فسواء عنده كان دعواه البراءة موصولا بإقراره أو مقطوعا منه ، والقول الثاني أنه إذا كان لا يعلم حقه إلا بإقراره فوصل بإقراره دعواه المخرج كان مقبولا منه ، ولا يكون صادقا كاذبا في قول واحد ، ولو قطع دعواه المخرج من الإقرار فلم يصلها به كان مدعيا عليه البينة ، وكان الإقرار له لازما ، ومن قال هذا القول الآخر فينبغي أن تكون حجته أن يقول أرأيت رجلا قال لرجل لك علي ألف درهم طبرية أو لك عندي عبد زنجي ، وادعى الرجل عليه ألفا وازنة أو ألفا مثاقيل أو عبدا بربريا أليس يكون القول قول المدعى عليه ؟ وسواء في هاتين المسألتين أن يقر له بدين ، ويزعم إلى أجل في القول الأول الدين حال ، وعليه البينة أنه إلى أجل ، والقول الثاني أن القول قوله إذا وصل دعواه بإقراره .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى إذا كان الشيء في يد اثنين عبدا كان أو دارا أو غيره فادعى كل واحد منهما كله فهو في الظاهر بينهما نصفان ، ويكلف كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه فإن لم يجد واحد منهما بينة أحلفنا كل واحد منهما على دعوى صاحبه فأيهما حلف بريء ، وأيهما نكل رددنا اليمين على المدعي فإن حلف أخذ ، وإن نكل لم يأخذ شيئا ودعواه النصف الذي في يد صاحبه كدعواه الكل ليس في يديه منه شيء لأن ما في يد غيره خارج من يديه ، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقيم كل واحد منهما البينة على ما في يدي صاحبه ، ولكل واحد منهما اليمين على صاحبه فأيهما حلف بريء ، وأيهما نكل حبس حتى يحلف ، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا نكل عن اليمين قضينا عليه .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى إذا تداعى الرجلان البيع فتصادقا عليه ، واختلفا في الثمن فقال البائع بعتك بألفين ، وقال المشتري اشتريت منك بألف والسلعة قائمة بعينها ، ولا بينة بينهما تحالفا معا فإن حلفا معا فالسلعة مردودة على البائع ، وأيهما نكل رددت اليمين على المدعى عليه ، وإن نكل المشتري حلف البائع لقد باعه بالذي قال ثم لزمته الألفان فإن حلف البائع ثم نكل المشتري عن اليمين أخذ البائع الألفين لأنه قد اجتمع نكول المشتري ، ويمين البائع على دعواه ، وهكذا إن كان الناكل هو البائع ، والحالف هو المشتري كانت بيعا له بالألف ، ولو هلكت السلعة ترادا قيمتها إذا حلفا معا ، وإذا كانت السنة تدل على أنهما يتصادقان في أن السلعة مبيعة ، ويختلفان في الثمن ، فإذا حلفا ترادا ، وهما يتصادقان أن أصل البيع كان حلالا فلا يختلف المسلمون فيما علمت أن ما كان مردودا لو وجد بعينه في يدي من هو في يديه ففات أن عليه قيمته إذا كان أصله مضمونا ، ولو جعلنا القول قول المشتري إذا فاتت السلعة كنا قد فارقنا السنة ، ومعنى السنة ، وليس لأحد فراقهما ، وقد صار بعض المشرقيين إلى أن رجع إلى هذا القول فقال به ، وخالف [ ص: 246 ] صاحبه فيه .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى ولو أقام أحدهما البينة على دعواه أعطيناه ببينته

التالي السابق


الخدمات العلمية