الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3974 (2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

                                                                                              [ 2043 ] عن أنس قال: نادى رجل رجلا بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني لم أعنك، إنما دعوت فلانا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي.

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 248) والبخاري (3539) ومسلم (2134) وأبو داود (4965) والترمذي (2844) وابن ماجه (3735). [ ص: 456 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 456 ] (2) ومن باب تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي

                                                                                              قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي ) صدر هذا القول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرات; فعلى حديث أنس إنما قاله حين نادى رجل: يا أبا القاسم ! فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الرجل: لم أعنك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك القول. وهذه حالة تنافي الاحترام، والتعزير المأمور به، فلما كانت الكناية بأبي القاسم تؤدي إلى ذلك نهى عنها. ويتأيد هذا المعنى بما نقل أن اليهود كانت تناديه بهذه الكناية إزراء، ثم تقول: لم أعنك. فحسم الذريعة بالنهي. فإن قيل: فيلزم على هذا: أن تمنع التسمية بمحمد، وقد فرق بينهما، فأجازه في الاسم، ومنعه في الكناية.

                                                                                              فالجواب: أنه لم يكن أحد من الصحابة يجترئ أن يناديه باسمه; إذ الاسم لا توقير بالنداء به، بخلاف الكناية فإن في النداء بها احتراما وتوقيرا، وإنما كان يناديه باسمه أجلاف العرب، ممن لم يؤمن، أو آمن ولم يرسخ الإيمان في قلبه، كالذين نادوه من وراء الحجرات: يا محمد ! اخرج لنا. فأنزل الله تعالى فيهم: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون فمنعت الذريعة فيما كانوا ينادونه به، وأبيح ما لم يكونوا ينادونه به. وعلى هذا المعنى فيكون النهي عن [ ص: 457 ] ذلك مخصوصا بحياته. وقد ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم. وقد روي: أن عليا - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله! إن ولد بعدك غلام أأسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم).




                                                                                              الخدمات العلمية