الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 154 ] فصل

[ العدل في القسم ]

وعلى الرجل أن يعدل بين نسائه في البيتوتة ، والبكر والثيب والجديدة والعتيقة والمسلمة والكتابية سواء ، وللحرة ضعف الأمة ، ومن وهبت نصيبها لصاحبتها جاز ولها الرجوع في ذلك ، ويسافر بمن شاء ، والقرعة أولى .

التالي السابق


فصل

[ العدل في القسم ]

( وعلى الرجل أن يعدل بين نسائه في البيتوتة ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل " .

( والبكر والثيب والجديدة والعتيقة والمسلمة والكتابية سواء ) لإطلاق ما روينا ، ولأن ذلك من حقوق النكاح ولا تفاوت بينهن فيها ، ولا يجب عليه التساوي بينهن في الوطء والمحبة . أما الوطء فلأنه ينبني على النشاط ، وأما المحبة فلأنها فعل القلب . وقد روي أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يعدل بين نسائه ويقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا [ ص: 155 ] أملك ) يعني زيادة المحبة لبعضهن . ثم إن شاء جعل الدور بينهن يوما أو يومين أو أكثر ، وله الخيار في ذلك لأن المستحق عليه التسوية ، وقد وجدت .

قال : ( وللحرة ضعف الأمة ) لما عرف أن الرق منصف كما في العدة وغيرها ( ومن وهبت نصيبها لصاحبتها جاز ) لما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لسودة بنت زمعة : " اعتدي " فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أن يراجعها وتجعل يومها لعائشة وأن تحشر مع نسائه يوم القيامة ففعل " ، ولأنه حقها وقد أبطلته برضاها ( ولها الرجوع في ذلك ) ; لأنها وهبت حقا لم يجب بعد ، وإن أقام عند الواحدة أياما بإذن الأخرى جاز من غير مساواة ; لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - لما مرض استأذن نساءه أن يكون في بيت عائشة فأذن له ، فكان في بيتها حتى قبض - عليه الصلاة والسلام - .

وفيه دليل على أن القسم يجب على الرجل وإن كان مريضا ، ويؤمر الصائم بالنهار والقائم بالليل أن يبيت معها إذا طلبت . وعن أبي حنيفة يجعل لها يوما من أربعة أيام ، وليس هذا بواجب لأنه يؤدي إلى فوات النوافل أصلا على من له أربع من النساء ، ولكن يؤمر بإيفاء حقها من نفسه أحيانا ويصوم ويصلي ما أمكنه ، ولو أعطت زوجها مالا أو حطته ليزيد في قسمها لم يجز وترجع بما أعطته ، وكذا لو زادها الزوج في مهرها لتجعل يومها لغيرها ، والوجه فيه ما بينا .

قال : ( ويسافر بمن شاء والقرعة أولى ) ; لأنه لا حق لهن حال السفر حتى كان له أن لا يسافر بواحدة منهن أصلا ، ويقرع بينهن تطييبا لقلوبهن ، وقد ورد ذلك عنه - عليه الصلاة والسلام - ، ومن سافر بها ليس عليه قضاء حق الباقيات لأنه كان متبرعا لا موفيا حقا ، وإن ظلم بعضهن يوعظ ، فإن لم ينته يوجع عقوبة زجرا له عن الظلم .




الخدمات العلمية