الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وحور عين [22] قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وشيبة ونافع ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( وحور عين) بالخفض ، وحكى سيبويه والفراء أن في قراءة أبي بن كعب ( وحورا عينا) بالنصب ، وزعم سيبويه أن الرفع محمول على المعنى؛ لأن المعنى فيها أكواب وأباريق وكأس من معين وفاكهة ولحم طير وحور أي ولهم حور عين ، وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                        بادت وغير آيهن مع البلى إلا رواكد جمرهن هباء     ومشجج أما سواء قذاله
                                                                                                                                                                                                                                        فبدا وغير ساره المعزاء



                                                                                                                                                                                                                                        فرفع ومشجج على المعنى؛ لأن المعنى بها رواكد وبها مشجج . والقراءة بالرفع اختيار أبي عبيد لأن الحور لا يطاف بهن ، واختار الفراء الخفض واحتج بأن الفاكهة واللحم أيضا لا يطاف بهما وإنما يطاف بالخمر . وهذا الاحتجاج لا ندري كيف هو إذ كان القراء قد أجمعوا على القراءة بالخفض [ ص: 328 ] في قوله جل وعز "وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون" فمن أين له أنه لا يطاف بهذه الأشياء التي ادعى أنه لا يطاف بها؟ وإنما يسلم في هذا لحجة قاطعة أو خبر يجب التسليم له . واختلفوا في قوله جل وعز "وحور عين" كما ذكرت والخفض جائز على أن يحمل على المعنى؛ لأن المعنى ينعمون بهذه الأشياء وينعمون بحور عين ، وهذا جائز في العربية كثير ، كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        علفتها تبنا وماء باردا     حتى شتت همالة عيناها



                                                                                                                                                                                                                                        فحملت على المعنى ، وقال آخر :


                                                                                                                                                                                                                                        يا ليت زوجك قد غدا     متقلدا سيفا ورمحا



                                                                                                                                                                                                                                        وقال الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                        إذا ما الغانيات برزن يوما     وزججن الحواجب والعيونا



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 329 ] والعيون لا تزجج فحمله على المعنى . فأما "وحورا عينا" فهو أيضا محمول على المعنى؛ لأن معنى الأول يعطون هذا ويعطون حورا ، كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        جئني بمثل بني بدر لقومهم     أو مثل أسرة منظور بن سيار
                                                                                                                                                                                                                                        أو عامر بن طفيل في مركبه     أو حارثا يوم نادى القوم يا حار



                                                                                                                                                                                                                                        قال الحسن البصري : الحور الشديدات سواد سواد العين . وهذا أحسن ما قيل في معناهن . والحور البياض ومنه الحواري ، وروي عن مجاهد أنه قال : قيل حور لأن العين تحار فيهن ، وقال الضحاك : العين العظيمات الأعين . قال أبو جعفر : عين جمع عيناء وهو على فعل إلا أن الفاء كسرت لئلا تنقلب الياء واوا فيشكل بذوات الواو ، وقد حكى الفراء أن من العرب من يقول : حير عين على الإتباع .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية