الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
ومن لم يراع القصد في العقد لم ير بذلك بأسا ، وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبارات كما هي معتبرة في التقربات والعبادات ; فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حلالا أو حراما ، وصحيحا أو فاسدا ، وطاعة أو معصية ، كما أن القصد في العبادة يجعلها واجبة أو مستحبة أو محرمة أو صحيحة أو فاسدة . ودلائل هذه القاعدة تفوت الحصر ، فمنها قوله تعالى في حق الأزواج إذا طلقوا أزواجهم طلاقا رجعيا : { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا } وقوله : { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا } وذلك نص في أن الرجعة إنما ملكها الله تعالى لمن قصد الصلاح دون من قصد الضرار . وقوله في الخلع : { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وقوله : { فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله } فبين تعالى أن الخلع المأذون فيه والنكاح المأذون فيه إنما يباح إذا ظنا أن يقيما حدود الله . وقال تعالى : { من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار } فإنما قدم الله الوصية على الميراث إذا لم يقصد بها الموصي الضرار ; فإن قصده فللورثة إبطالها وعدم تنفيذها ، وكذلك قوله : { فمن [ ص: 80 ] خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه } فرفع الإثم عمن أبطل الجنف والإثم من وصية الموصي ، ولم يجعلها بمنزلة نص الشارع الذي تحرم مخالفته .

التالي السابق


الخدمات العلمية