الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه ) لأنه تجرد عن حق العباد وصار خالصا لله ، وهذا لأن الأشياء كلها لله تعالى ، وإذا أسقط العبد ما ثبت له من الحق رجع إلى أصله فانقطع تصرفه عنه كما في الإعتاق .

التالي السابق


( قوله ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع ولا يورث عنه ) يعني بعد صحته بشرطه . وفي فتاوى قاضي خان : رجل له ساحة لا بناء فيها أمر قوما أن يصلوا فيها بجماعة ، قالوا : إن أمرهم بالصلاة فيها أبدا أو أمرهم بالصلاة بجماعة ، ولم يذكر الأبد إلا أنه أراد الأبد ، ثم مات لا يكون ميراثا عنه ، وإن أمرهم بالصلاة شهرا أو سنة ثم مات يورث ; لأنه لا بد من التأبيد والتوقيت ينافيه ، ومقتضى هذا أن لا يصير ليس مسجدا فيما إذا أطلق إلا إذا اعترفت الورثة بأنه أراد الأبد ، فإن نيته لا تعلم فلا يحكم عليهم بمنع إرثهم بما لم يثبت .

ولو ضاق المسجد وبجنبه أرض وقف عليه أو حانوت جاز أن يؤخذ ويدخل فيه . ولو كان ملك رجل أخذ بالقيمة كرها ، فلو كان طريقا للعامة أدخل بعضه بشرط أن لا يضر بالطريق . وفي كتاب الكراهية من الخلاصة عن الفقيه أبي جعفر عن هشام عن محمد أنه يجوز أن يجعل شيء من الطريق مسجدا ، أو يجعل شيء من المسجد طريقا للعامة ا هـ . يعني إذا احتاجوا إلى ذلك ، ولأهل المسجد [ ص: 236 ] أن يجعلوا الرحبة مسجدا ، وكذا على القلب ويحولوا الباب أو يحدثوا له بابا آخر ، ولو اختلفوا ينظر أيهم أكثر ولاية له ذلك ، وثم أن يهدموه ويجددوه ، وليس لمن ليس من أهل المحلة ذلك ، وكذا لهم أن يضعوا الحباب ويعلقوا القناديل ويفرشوا الحصر كل ذلك من مال أنفسهم ، وأما من مال الوقف فلا يفعل غير المتولي إلا بإذن القاضي ، الكل من الخلاصة ، إلا أن قوله وعلى القلب يقتضي جعل المسجد رحبة ، وفيه نظر .

وقد ذكر المصنف في علامة النون من كتاب التجنيس : قيم المسجد إذا أراد أن يبني حوانيت في المسجد أو في فنائه لا يجوز له أن يفعل ; لأنه إذا جعل المسجد سكنا تسقط حرمة المسجد ، وأما الفناء فلأنه تبع للمسجد




الخدمات العلمية