الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله [ ص: 5 ] تعالى : ( يوم ترونها ) فهو منصوب بتذهل ، أي تذهل في ذلك اليوم ، والضمير في ترونها يحتمل أن يرجع إلى الزلزلة وأن يرجع إلى الساعة لتقدم ذكرهما ، والأقرب رجوعه إلى الزلزلة ؛ لأن مشاهدتها هي التي توجب الخوف الشديد . واعلم أنه سبحانه وتعالى ذكر من أهوال ذلك اليوم أمورا ثلاثة .

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قوله : ( تذهل كل مرضعة عما أرضعت ) أي تذهلها الزلزلة ، والذهول الذهاب عن الأمر مع دهشة ، فإن قيل : لم قال مرضعة دون مرضع ؟ قلت : المرضعة هي التي في حال الإرضاع وهي ملقمة ثديها الصبي ، والمرضع شأنها أن ترضع ، وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به ، فقيل : مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة ، وقوله : ( عما أرضعت ) أي عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته ، وهو الطفل فتكون ما بمعنى من على هذا التأويل .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله : ( وتضع كل ذات حمل حملها ) والمعنى أنها تسقط ولدها لتمام أو لغير تمام من هول ذلك اليوم ، وهذا يدل على أن هذه الزلزلة إنما تكون قبل البعث ، قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام وألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام ، وقال القفال : يحتمل أن يقال : من ماتت حاملا أو مرضعة تبعث حاملا أو مرضعة تضع حملها من الفزع ، ويحتمل أن يكون المراد من ذهول المرضعة ووضع الحمل على جهة المثل كما قد تأول قوله : ( يوما يجعل الولدان شيبا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية