الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1671 1672 - مالك : عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ، ما لم يكن إثما . فإن كان إثما ، كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه ، إلا أن تنتهك حرمة الله ، فينتقم لله بها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        38899 - قال أبو عمر : دين الله يسر ، والحنيفية سمحة ، وقال الله - عز وجل - : " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " [ البقرة : 185 ] .

                                                                                                                        38900 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من يسر على مسلم ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مسلم ، ستر الله عليه في الدنيا والآخرة " .

                                                                                                                        [ ص: 117 ] 38901 - وأما أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يحصى الحسن منها كثرة ، ولو أفرد لها كتاب ، لقصر عنها ، ويكفي من ذلك قول الله - عز وجل - : " وإنك لعلى خلق عظيم " . [ القلم : 4 ] وقوله تعالى : " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " [ الأعراف : 199 ] .

                                                                                                                        38902 - وهذا الحديث قد رواه الفضل بن عياض ، عن منصور ، عن الزهري ، بألفاظ أتم من ألفاظ مالك - رحمه الله .

                                                                                                                        38903 - حدثني سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان قالا ، حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثني محمد بن إسماعيل قال : حدثني الحميدي قال : حدثني الفضيل بن عياض ، عن منصور بن المعتمر ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتصرا من مظلمة ظلمها قط ، ما لم ينتهك من محارم الله شيء ، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان أشدهم في ذلك غضبا ، وما خير بين أمرين ، إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما .

                                                                                                                        38904 - وحدثني عبد الوارث قال : حدثني قاسم قال : حدثني بكر بن حماد قال : حدثني مسدد قال : حدثني يزيد بن زريع قال : حدثني معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا ضرب خادما ولا امرأة قط ، ولا خير في أمرين [ ص: 118 ] إلا كان أيسرهما أحب إليه ، ما لم يكن الإثم ، فإذا كان إثما ، كان أبعدهم منه ، وما انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه ، إلا أن ينتهك من حرمات الله ، فيكون ينتقم لله .

                                                                                                                        38905 - وهذا الحديث يدل ويندب الأمراء وسائر الحكام والعلماء ، إلا أنه ينبغي لكل واحد منهم أن يتجافى عن الانتقام لنفسه تأسيا بنبيه - صلى الله عليه وسلم - ، ولا ينس الفضل والأخذ به في العفو عمن ظلمه .

                                                                                                                        38906 - وقد أجمع العلماء على أن القاضي لا يقضي لنفسه .

                                                                                                                        38907 - وأجمع الجمهور من الفقهاء أن القاضي لا يقضي لمن لا تجوز له شهادته من بنيه وآبائه .

                                                                                                                        38908 - وفي هذا الحديث أيضا دليل على أن الأخذ برخصة الله أولى لذوي [ ص: 119 ] العلم والحجا من الأخذ بالشدة ، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه ، كما يحب أن ينتهى عن محارمه ، وتجتنب عزائمه .

                                                                                                                        38909 - وأخبرنا محمد بن إبراهيم قال : حدثني سعيد بن أحمد بن عبد ربه ، وأحمد بن مطرف قالا : حدثنا سعيد بن عثمان قال : حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن معمر قال : إنما العلم أن تسمع بالرخصة من ثقة ، وأما التشديد فيحسنه كل أحد .




                                                                                                                        الخدمات العلمية