الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [71 - 74] أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين فسبح باسم ربك العظيم

                                                                                                                                                                                                                                      أفرأيتم النار التي تورون أي: تقدحون، أي: تستخرجونها من الزند، وهو العود الذي تقدح منه.

                                                                                                                                                                                                                                      أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون أي: بل نحن جعلناها مودعة في موضع. وللعرب شجرتان: إحداهما المرخ، والأخرى العفار، إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر، تباين من بينهما شرر النار. وقد تقدم بيانه في آخر سورة يس.

                                                                                                                                                                                                                                      نحن جعلناها تذكرة أي: جعلنا نار الزناد تبصرة في أمر البعث; لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر المضاد لها، قادر على إعادة ما تفرقت مواده، أو تذكيرا لنار جهنم ومتاعا أي: منفعة للمقوين أي: المسافرين الذين ينزلون القواء، وهي القفر. يقال: أقوى إذا نزل القواء، كأصحر إذا دخل الصحراء، فإن الإفعال يكون للدخول في معنى مصدر مجرده. وعن مجاهد : المقوين: المستمتعين؛ المسافر والحاضر.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن زيد : هم الجائعون، تقول العرب: أقويت منه كذا وكذا، أي: ما أكلت منه. وأقوت الدار: خلت من ساكنيها وانتفاعهم بها؛ لأنهم يطبخون بها. ولشدة احتياجهم له، خصوا بالذكر مع انتفاع غيرهم بها.

                                                                                                                                                                                                                                      فسبح باسم ربك العظيم أي: سبح اسمه، قال الزمخشري : بأن تقول: سبحان الله، إما تنزيها له عما يقول الظالمون الذين يجحدون وحدانيته، ويكفرون نعمته، [ ص: 5659 ] وإما تعجبا من أمرهم في غمط آلائه وأياديه الظاهرة، وإما شكرا لله على النعم التي عدها ونبه عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية