الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2523 ص: وقد روي عن أبي سعيد مثل ذلك أيضا.

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قال: ثنا سفيان بن عيينة ، قال: ثنا عمرو بن دينار ، قال: "سئل ابن عمر وأبو سعيد الخدري - رضي الله عنهما - عن رجل سها فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فقالا: يتحرى أصوب ذلك فيتمه، ثم يسجد سجدتين وهو جالس".

                                                حدثنا أبو أمية، قال: ثنا شبابة بن سوار، قال: ثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن سليمان اليشكري ، عن أبي سعيد الخدري : "أنه قال في الوهم: يتحرى. قال: قلت: عن النبي - عليه السلام -؟ قال: عن النبي - عليه السلام -".

                                                فدل ما ذكرنا أن ما رواه أبو سعيد عن النبي - عليه السلام - إنما هو إذا كان لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا ولم يكن أحدهما أغلب في ظنه من الآخر، وأما إذا كان أحدهما أغلب في قلبه من الآخر عمل على ذلك، فقد وافق ما روي عن أبي سعيد لما جمع ما رواه عن النبي - عليه السلام - وما أجاب به الذي سأله بعد النبي - عليه السلام - ما قال أهل هذه المقالة الآخرة لا ما قال من خالفهم.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن أبي سعيد الخدري سعد بن مالك - رضي الله عنه - مثل ما روي عن أبي هريرة من قوله في الوهم: "يتحرى"، ولما سأله سليمان اليشكري : أهو عن النبي - عليه السلام -؟ قال: عن النبي - عليه السلام -، فدل هذا أن ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - إنما هو [ ص: 463 ] محمول على ما إذا كان لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا ولم يكن أحدهما أغلب في ظنه من الآخر ، وأما إذا كان أحدهما -أي: أحد الأمرين وهما الشك في الثلاث والأربع- أغلب في قلبه من الآخر عمل على ذلك، أراد أنه يعمل به على ما صرح به من قوله: "فليبن على اليقين ويدع الشك"، فإذا كان الأمر كذلك فقد وافق ما روي عن أبي سعيد - رضي الله عنه - لما جمع -أي حين جمع- ما رواه عن النبي - عليه السلام - وما أجاب به الرجل الذي سأله بعد النبي - عليه السلام - ما قال أهل المقالة الآخرة وهم أهل المقالة الثالثة.

                                                فقوله: "ما روي" فاعل لقوله: "فقد وافق"، وقوله: "ما قال أهل هذه المقالة" مفعوله، والعامل في "لما جمع" هو قوله: "وافق" و "جمع" على صيغة المجهول وهو مسند إلى قوله: "ما رواه" أي: ما رواه أبو سعيد .

                                                وقوله: "وما أجاب به" عطف على قوله: "ما رواه" أي: والذي أجاب به أبو سعيد لمن سأله بعد النبي - عليه السلام -.




                                                الخدمات العلمية