الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا ) يفرض ( على صبي ) وبالغ له أبوان [ ص: 125 ] أو أحدهما ; لأن طاعتهما فرض عين { وقال عليه الصلاة والسلام للعباس بن مرداس لما أراد الجهاد الزم أمك فإن الجنة تحت رجل أمك } " سراج وفيه لا يحل سفر فيه خطر إلا بإذنهما . وما لا خطر فيه يحل بلا إذن ومنه السفر في طلب العلم

التالي السابق


مطلب طاعة الوالدين فرض عين ( قوله لا يفرض على صبي ) في الذخيرة للأب أن يأذن للمراهق بالقتال ، وإن خاف عليه القتل وقالالسعدي لا بد أن لا يخاف عليه فإن خاف قتله لم يأذن له نهر ( قوله وبالغ له أبوان ) مفاده أنهما لا يأثمان في منعه وإلا لكان له الخروج حتى يبطل عنهما الإثم ، مع أنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما من ذلك مشقة شديدة ، وشمل الكافرين أيضا أو أحدهما إذا كره خروجه مخافة ومشقة وإلا بل لكراهة قتال أهل دينه ، فلا يطيعه ما لم يخف عليه الضيعة إذ لو كان معسرا محتاجا إلى خدمته فرضت عليه ولو كافرا وليس من الصواب ترك فرض عين [ ص: 125 ] ليتوصل إلى فرض كفاية ولو مات أبويه فأذن له جده لأبيه وجدته لأمه ، ولم يأذن له الآخران : أي أبو الأم وأم الأب فلا بأس بخروجه لقيام أب الأب وأم الأم مقام الأب والأم عند فقدهما ، والآخران كباقي الأجانب إلا إذا عدم الأولان : فالمستحب أن لا يخرج إلا بإذنهما ، ولو له أم أم وأم أب ، فالإذن لأم الأم بدليل تقدمها في الحضانة ولأن الأخرى لا تقوم مقام الأب ، ولو له أب وأم أب لا ينبغي الخروج بلا إذنها ; لأنها كالأم ; لأن حق الحضانة لها ، وأما غير هؤلاء كالزوجة والأولاد والأخوات والأعمام فإنه يخرج بلا إذنهم إلا إذا كانت نفقتهم واجبة عليه وخاف عليهم الضيعة ا هـ ملخصا من شرح السير الكبير ( قوله ; لأن طاعتهما فرض عين ) أي والجهاد لم يتعين فكان مراعاة فرض العين أولى ، كما في التجنيس وأخذ منه في البحر كراهة الخروج بلا إذنهما ، واعترض على قول الفتح إنه يحرم .

قلت : وفيه نظر فإن الأولى هنا بمعنى الأقوى والأرجح أي أن الأقوى مراعاة فرض العين لقوته ورجحانه على فرض الكفاية ، فحيث ثبت أنه فرض كان خلافه حراما ، ولذا قال السرخسي : فعليه أن يقدم الأقوى . نعم قدمنا آنفا عنه في الجد والجدة الفاسدين أن المستحب أن لا يخرج إلا بإذنهما ( قوله وقال عليه الصلاة والسلام إلخ ) دليل آخر على تقديم الوالدين ، وقدمنا الحديث المتفق عليه وفيه تقديم برهما على الجهاد ، وفي صحيح البخاري { في الرجل الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد قال أحي والداك ؟ قال : نعم قال ففيهما فجاهد } " وذكر بعضهم أن ذلك الرجل هو جاهمة بن العباس بن مرداس ، ثم رأيت في شرح السير الكبير قال : وذكر { عن ابن عباس بن مرداس أنه قال يا رسول الله إني أريد الجهاد قال ألك أم ؟ قال : نعم قال الزم أمك } " إلخ ( قوله تحت رجل أمك ) هو في معنى حديث " { الجنة تحت أقدام الأمهات } " ولعل المراد منه والله تعالى أعلم تقبيل رجلها أو هو كناية عن التواضع لها وأطلقت الجنة على سبب دخولها ( قوله فيه خطر ) كالجهاد وسفر البحر والخطر بالخاء المعجمة والطاء المهملة المفتوحتين الإشراف على الهلاك كما في ط عن القاموس ( قوله وما لا خطر ) كالسفر للتجارة والحج والعمرة يحل بلا إذن إلا إن خيف عليهما الضيعة سرخسي ( قوله ومنه السفر في طلب العلم ) ; لأنه أولى من التجارة إذا كان الطريق آمنا ولم يخف عليهما الضيعة سرخسي




الخدمات العلمية