الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النرد

                                                                                                          حدثني عن مالك عن موسى بن ميسرة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2 - باب ما جاء في النرد

                                                                                                          بفتح النون وإسكان الراء معناه بلغة الفرس : حلو ، ويسمى الكعاب والأرق والنردشير ، قيل : إن الأوائل لما نظروا في أمور الدنيا ، وجدوها على أسلوبين : أحدهما ما يجري بحكم الاتفاق ، فوضعوا له النرد لتشعر النفس به .

                                                                                                          والثاني : ما يجري بحكم السعي ، والتحيل ، فوضعوا له الشطرنج ، لتشعر النفس بذلك ، وتنهض الخواطر إلى عمل مثله من المطلوبات ، ويقال : إن واضع النرد وضعه على رأي أصحاب الجبر ، وواضع الشطرنج وضعه على رأي القدرية .

                                                                                                          [ ص: 565 ] 1786 1739 - ( مالك عن موسى بن ميسرة ) الديلي - بكسر الدال ، وسكون التحتية - مولاهم أبي عروة المدني ، ثقة ، أثنى عليه مالك ووصفه بالفضل ، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة .

                                                                                                          ( عن سعيد ) - بكسر العين - ( ابن أبي هند ) الفزاري ، ثقة ، مات سنة ست عشرة ومائة ، وقيل : بعدها .

                                                                                                          ( عن أبي موسى ) عبد الله بن قيس ( الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من لعب بالنرد ) - بفتح النون ، وسكون الراء ، ودال مهملتين - قطع ملونة من خشب البقس ، وعظم الفيل وغير ذلك ، ( فقد عصى الله ورسوله ) ; لأنه يوقع العداوة ، والبغضاء ، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويشغل القلب ، فيحرم اللعب به باتفاق السلف ، بل حكى بعضهم عليه الإجماع ونوزع .

                                                                                                          وقيل : سبب حرمته أن واضعه سابور بن أردشير أول ملوك ساسان ، شبه رقعته بوجه الأرض ، والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة ، والشخوص الثلاثين بثلاثين يوما ، والسواد والبياض بالليل والنهار ، والبيوت الاثني عشر بشهور السنة ، والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية في ما للإنسان وعليه ، وما ليس له ولا عليه ، والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان لأجلها ، واللعب بها بالكسب ، فصار من يلعب به حقيقا بالوعيد لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله .

                                                                                                          وهذا الحديث رواه أبو داود وغيره من طريق .

                                                                                                          وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي ، ووهم من عزاه لمسلم .

                                                                                                          إنما روي حديث بريدة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه " ، قال النووي : معناه في حال أكله منه ، فشبه اللعب بتحريم أكله .

                                                                                                          وقال غيره : هو كناية عن تذكيته ، وهي حرام ، فدل على تحريم اللعب به ، وهو نص حديث مالك : " فقد عصى الله ورسوله " .




                                                                                                          الخدمات العلمية