الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها

                                                                                                          قال يحيى وسمعت مالك يقول لا خير في الشطرنج وكرهها وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآيةفماذا بعد الحق إلا الضلال [ ص: 566 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 566 ] 1787 1741 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : أنه كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه ) ، تعزيرا على فعله الحرام ( وكسرها ) ، لئلا يعود إلى اللعب بها هو أو غيره .

                                                                                                          ( قال يحيى : سمعت مالكا يقول : لا خير في الشطرنج ) ، بكسر السين ، وفتحها مع الإعجام والإهمال ، أربع لغات حكاها ابن مالك ، فالإعجام من المشاطرة ، كأن كل لاعب له شطر من القطع ، والإهمال من تسطير الرقعة بيوتا عند التعبية ، وتعقب ذلك ابن بري بأن الأسماء الأعجمية لا تشتق من الأسماء العربية ، وبأنها خماسية ، واشتقاقها من الشطر يوجب أنها ثلاثية ، فتكون النون والجيم زائدتين ، وهذا بين الفساد .

                                                                                                          ( وكرهها ) تحريما ، وعليه الجمهور ، ونوزع صاحب البيان في إبقاء الكراهة على التنزيه .

                                                                                                          ( وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ، ويتلو هذه الآية ) استدلالا : ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) ، استفهام تقرير ، أي ليس بعده غيره ، فمن أخطأ الحق وقع في الضلال .

                                                                                                          وقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الشطرنج ، وعليه الأئمة الثلاثة .

                                                                                                          وحكى البيهقي إجماع الصحابة على ذلك ، قال بعضهم : فمن نقل عن أحد منهم أنه رخص فيه فهو غالط ، فالبيهقي وغيره من علماء الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالا بلا إسناد ، وإجماعهم كاف في الحجة ، وقد ورد فيه أحاديث ، وإن كان في بعضها ضعف وإرسال ، فذلك لا يمنع من الاستشهاد به والاعتبار لا سيما مع كثرة الطرق واشتهارها ، فما كان منها صالحا فهو حجة بانفراده ، وما كان معللا فإنه يقوى بتعدد طرقه ، وتغاير شيوخ مرسله ، وبالقياس على النرد بجامع الضد ، بل هو كما قال ابن عمر ، ومالك ، وغيرهما شر منه ; لأنه أبلغ في إفساد القلوب من النرد لاحتياجه إلى فكر ، وتقدير وحساب النقلات قبل النقل ، بخلاف النرد يلعب صاحبه ثم يحسب .

                                                                                                          وذهب الشافعي إلى كراهته تنزيها على الصحيح المشهور عنه ، ما لم يواظب عليها ، وتعتبر بالعرف ، ولم يلعب مع معتقد تحريمه ، أو يكن على شكل الحيوان ، أو يهذي عليها ، بل حفظ اللسان عن الخنا ، والفحش ، والسفه ، وما لم يقترن به قمار ، ولم يلعبه على الطريق ، ولم يؤخر به صلاة ، وإلا حرم في الجميع ، زاد بعض الشافعية : وما لم يلعبه مع الأراذل ، ولم يؤثر نحو حقد ، أو ضغينة ، أو يؤدي إلى إشارة للفظ لا يرضي .




                                                                                                          الخدمات العلمية