الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4163 [ 2112 ] وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن امرأة بغيا - وفي رواية: من بني إسرائيل - رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها فغفر لها.

                                                                                              وفي رواية: فاستقت له، فسقته إياه; فغفر لها به.

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 507) والبخاري (3467) ومسلم (2245) (154 - 155). [ ص: 545 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 545 ] (26) ومن باب في كل ذي كبد رطبة أجر

                                                                                              قوله: ( يلهث ) أي: يخرج لسانه من شدة العطش والتعب، وهو الذي عبر عنه في الرواية الأخرى بإخراج لسانه. ويقال: لهث - بفتح الهاء وكسرها - فأما المستقبل: فبالفتح لا غير، والاسم: اللهث، واللهاث - بضم اللام - ذكره الخليل . وقال الجوهري : اللهثان - بالتحريك -: العطش، وبالتسكين العطشان، والمرأة: لهثى، وقد لهثت لهثا ولهاثا، مثل: سمع سماعا. واللهاث - بالضم -: حر العطش. قال: ولهث الكلب - بالفتح - يلهث لهثا ولهاثا - بالضم - إذا أخرج لسانه من التعب والعطش. فأما: أدلع لسانه: فاللغة الفصيحة فيه: دلع - ثلاثيا - يقال: دلع الرجل لسانه فاندلع; أي: أخرجه فخرج. ودلع لسانه; أي: خرج، يتعدى ولا يتعدى. والأول حكاه ابن الأعرابي .

                                                                                              و( البغي ): الزانية.

                                                                                              و(قوله : فشكر الله له فغفر له ) أي: أظهر ما جازاه به عند ملائكته، وأثنى عليه عندهم. وقد قدمنا أن أصل الشكر: الظهور; كما قالوا: دابة شكور: إذا ظهر عليها من السمن أكثر مما تأكله من العلف.

                                                                                              [ ص: 546 ] و(قوله: فنزعت له بموقها ) أي: سقت له بيدها. يقال: نزعت بالدلو ونزعت الدلو. والنزوع - بفتح النون - هي: البئر التي يستقى منها باليد. وقد روي هذا الحرف: (فنزعت موقها فاستقت به) أي: خلعته من رجلها.

                                                                                              و(قوله: في كل كبد رطبة أجر ) أي: حية; يعني بها: رطوبة الحياة. وفي رواية أخرى: (في كل كبد حرى) يعني بها: حرارة الحياة، أو حرارة العطش.

                                                                                              وفي هذه الأحاديث ما يدل على أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به تغفر به الذنوب، وتعظم به الأجور، ولا يناقض هذا أنا قد أمرنا بقتل بعضها، أو أبيح لنا، فإن ذلك إنما شرع لمصلحة راجحة على قتله، ومع ذلك فقد أمرنا بإحسان القتلة، والرفق بالذبيحة.




                                                                                              الخدمات العلمية