الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( وجد المسلم المسلم إليه بعد المحل ) بكسر الحاء ( في غير محل التسليم ) بفتحها أي مكانه المتعين بالعقد أو الشرط فله الدعوى عليه بالسلم فيه وإلزامه بالسفر معه لمحل التسليم ، أو يوكل ولا يحبس لأنه لو امتنع ( لم يلزمه الأداء إن كان لنقله ) من محل التسليم إلى محل الظفر ( مؤنة ) ولم يتحملها المسلم ليتضرر المسلم إليه بذلك ، بخلاف ما لا مؤنة لنقله كيسير نقد وماله مؤنة وتحملها المسلم لانتفاء الضرر حينئذ ، قال بعضهم : ولا نظر لكونه في ذلك المحل أغلى منه [ ص: 219 ] بمحل السلم وهو ممنوع مما يأتي في القرض ( ولا يطالب بقيمته ) ولو ( للحيلولة على الصحيح ) لامتناع الاعتياض عنه كما مر لكن له الفسخ واسترداد رأس المال وإلا فبدله كما لو انقطع المسلم فيه والثاني يطالبه للحيلولة بينه وبين حقه ( وإن ) ( امتنع ) المسلم ( من قبوله هناك ) أي في غير محل التسليم وقد أحضر ( لم يجبر ) عليه ( إن كان لنقله مؤنة ) إلى محل التسليم ولم يتحملها المسلم إليه بمعنى تحصيله وتحمله الزيادة لا بمعنى دفع المؤنة للمسلم لأنه اعتياض ( أو كان الموضع ) أو الطريق ( مخوفا ) للضرر ، فإن رضي بأخذه لم تجب له مؤنة النقل ، بل لو بدلها لم يجز له قبولها لأنه كالاعتياض ( وإلا ) بأن لم يكن لنقله مؤنة ولا كان الموضع أو الطريق مخوفا ( فالأصح إجباره ) على قبوله لتحصل له براءة بذمة .

                                                                                                                            والخلاف مبني على القولين السابقين في التعجيل قبل الحلول لغرض البراءة وقد مر تعليلهما ، ولو اتفق كون رأس المال بصفة السلم فيه فأحضره وجب قبوله .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : في غير محل التسليم ) قال حج : وقضية إطلاقهم هنا لأنه لا فرق بين زمن الخوف وغيره ، ويخالفه اعتماد جمع متأخرين أنه لا يلزمه القبول في القرض إلا حيث لا خوف : أي وإن كان العقد فيه على الأوجه خلافا للأذرعي ، ويفرق بأن القرض محض معروف وإحسان ، وهو يقتضي عدم إضرار المقرض بوجه فلم يلزم بالقبول ولو في محل القرض إلا حيث لا ضرر عليه فيه ، وما هنا محض معاوضة ، وقضيتها لزوم قبضها المستحق في محل تسليمها من غير نظر لإضرار المسلم أولا ، وإنما روعي غرضه فيما مر لأن ذاك القبض فيه غير مستحق بمقتضى المعاوضة لأن القرض أنه قبل الحلول أو في غير محل التسليم فنظر فيه لإضرار القابض وعدمه فتأمله ( قوله : لا أجنبي عن حي ) قد يفهم مقابلته للوارث أن المراد به ما عداه مع أن الوارث كالأجنبي في مسألة الحي ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد يقال : يفهم أن الوارث في الحي كالأجنبي لأنه الآن لا يسمى وارثا وإنما يسمى بعد موت الوريث ( قوله : أن الدين يجب بالطلب ) ومثله القرينة الدالة عليه دلالة قوية ، وقد يدل له قوله في باب الغنيمة بعد قول المصنف فخمسه لأهل خمس الفيء إلخ ، ويكره تأخيرها لدارنا بل يحرم إن طلبوا تعجيلها ولو بلسان الحال كما بحثه الأذرعي ( قوله : المتعين بالعقد ) لا يخفى أن الكلام في السلم المؤجل بدليل قوله بعد المحل وفيما له مؤنة بدليل إن كان لنقله مؤنة ، وتقدم أن المؤجل الذي لنقله مؤنة لا بد من بيان محل التسليم ، وإن صلح محل العقد فقوله أو العقد عليه مشكل ، إذ لا يكون التعيين بالعقد في ذلك إلا أن يجاب بأن المراد بالمؤنة هناك مؤنة النقل إلى محل العقد . والمراد بها هنا مؤنة النقل من محل التسليم إلى محل الظفر ، ويجوز أن يكون لنقله مؤنة إلى محل الظفر ولا يكون له مؤنة إلى محل العقد فيفرض ما هنا في السلم المؤجل الذي ليس له مؤنة إلى محل العقد الصالح فإنه حينئذ لا يجب بيان محل التسليم بل يتعين موضع العقد ، ثم إذا وجده في غير محل التسليم فصل فيه بين أن يكون لنقله مؤنة أو لا سم على حج ( قوله : ولا نظر لكونه إلخ ) أي فيجب على المسلم إليه تسليمه للمسلم وإن ارتفع سعره ، وقوله وهو ممنوع : أي فلا يجب على المسلم إليه أو نحوه أداؤه حيث ارتفع سعره وإن لم يكن لنقله مؤنة وحينئذ فالمانع من وجوب التسليم [ ص: 219 ] إما كونه لنقله مؤنة أو ارتفاع سعره ( قوله : وهو ممنوع ) هذا هو المعتمد ( قوله : ولو للحيلولة ) الأولى إسقاط الغاية لأن القيمة إذا كانت للفيصولة لا يطالب بها قطعا لأنها استبدال حقيقي بخلاف ما إذا كانت للحيلولة لأنها تشبه الوثيقة ( قوله : وتحمله الزيادة ) أي بأن تدفع الزيادة لمن يحمله إلى محل التسليم أو يلتزمها له ( قوله : لأنه اعتياض ) أي دفع المؤنة للمسلم ( قوله : ليحصل له ) أي المسلم إليه ( قوله : بصفة المسلم فيه ) لا يقال : هذا مكرر مع قوله السابق ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة صح إلخ . لأنا نقول : هذا أعم ومثله لا يعد تكرارا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 218 ] . ( قوله : ولم يتحملها المسلم ) عبارة شرح الروض وغيره : أو كان : أي لحمله مؤنة ورضي به دونها ، وعبارة شرح البهجة الصغير : كما لو كان لنقله مؤنة ولم يقنع المسلم به بل طلبها .




                                                                                                                            الخدمات العلمية