الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ) يعني من تقدم ذكره وهذه الآيات هي القرآن ، ووصفها بأنها بينات لكونها متضمنة للدلائل العقلية وبيان الأحكام ، فبين أنهم مع جهلهم إذا نبهوا على الأدلة وعرضت عليهم المعجزة ظهر في وجوههم المنكر ، والمراد دلالة الغيظ والغضب ، قال صاحب " الكشاف " : المنكر الفظيع من التهجم والفجور والنشوز والإنكار ، كالمكرم بمعنى الإكرام وقرئ " تعرف " على ما لم يسم فاعله ، وللمفسرين في المنكر عبارات : أحدها : قال الكلبي : تعرف في وجوههم الكراهية للقرآن . ثانيها : قال ابن عباس رضي الله عنهما : التجبر والترفع . وثالثها : قال مقاتل : أنكروا أن يكون من الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( يكادون يسطون ) فقال الخليل والفراء والزجاج : السطو شدة البطش والوثوب ، والمعنى يهمون بالبطش والوثوب تعظيما لإنكار ما خوطبوا به ، فحكى تعالى عظيم تمردهم على الأنبياء والمؤمنين ثم أمر رسوله بأن يقابلهم بالوعيد فقال : ( قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ) قال صاحب " الكشاف " : قوله : ( من ذلكم ) أي من غيظكم على الناس وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم ، فقوله : (من ذلكم ) فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : المراد أن الذي ينالكم من النار التي تكادون تقتحمونها بسوء فعالكم أعظم مما ينالكم عند تلاوة هذه الآيات من الغضب ومن هذا الغم .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن يكون المراد ( بشر من ذلكم ) ما تهمون به فيمن يحاجكم ، فإن أكبر ما يمكنكم فيه الإهلاك ثم بعده مصيرهم إلى الجنة وأنتم تصيرون إلى النار الدائمة التي لا فرج لكم عنها ، وأما ( النار ) فقال صاحب " الكشاف " : قرئ " النار " بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كأن قائلا يقول : ما شر من ذلك ؟ فقيل : النار . أي هو النار . وبالنصب على الاختصاص ، وبالجر على البدل من شر . ثم بين سبحانه أنه وعدها الذين كفروا إذا ماتوا على كفرهم وهو بئس المصير ، قال صاحب " الكشاف " : ( وعدها الله ) استئناف كلام ويحتمل أن تكون النار مبتدأ و ( وعدها ) خبرا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية