الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة الثانية ) : احتج أهل الإسلام بهذه الآية على أنه لا سبيل إلى معرفة المغيبات إلا بتعليم الله تعالى وأنه لا يمكن التوصل إليها بعلم النجوم والكهانة والعرافة ، ونظيره قوله تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) [الأنعام : 59] وقوله : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) [الجن : 26 ، 27] وللمنجم أن يقول للمعتزلي : إذا فسرت التعليم بوضع الدلائل فعندي حركات النجوم دلائل خلقها الله تعالى على أحوال هذا العالم ، فإذا استدللت بها على هذه كان ذلك أيضا بتعليم الله تعالى ، ويمكن أن يقال أيضا إن الملائكة لما عجزوا عن معرفة الغيب ، فلأن يعجز عنه أحدنا كان أولى .

                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة الثالثة ) : العليم من صفات المبالغة التامة في العلم ، والمبالغة التامة لا تتحقق إلا عند الإحاطة بكل المعلومات ، وما ذاك إلا هو سبحانه وتعالى ، فلا جرم ليس العليم المطلق إلا هو ، فلذلك قال ( إنك أنت العليم الحكيم ) على سبيل الحصر .

                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة الرابعة ) : الحكيم يستعمل على وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : بمعنى العليم فيكون ذلك من صفات الذات ، وعلى هذا التفسير نقول : إنه تعالى حكيم في الأزل .

                                                                                                                                                                                                                                            الآخر : أنه الذي يكون فاعلا لما لا اعتراض لأحد عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            فيكون ذلك من صفات الفعل ، فلا نقول إنه حكيم في الأزل ، والأقرب ههنا أن يكون المراد هو المعنى الثاني وإلا لزم التكرار ، فكأن الملائكة قالت : أنت العالم بكل المعلومات فأمكنك تعليم آدم ، وأنت الحكيم في هذا الفعل المصيب فيه ، وعن ابن عباس : أن مراد الملائكة من الحكيم ، أنه هو الذي حكم بجعل آدم خليفة في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية