الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويصح بيع المرابحة ) من غير كراهة لعموم قوله تعالى { وأحل الله البيع } نعم بيع المساومة أولى منه فإنه مجمع على حله وعدم كراهته ، وذاك قال فيه ابنا عمر وعباس رضي الله عنهم إنه ربا وتبعهما بعض التابعين ، وقال بعضهم : إنه مكروه ( بأن ) هي بمعنى كأن ( يشتريه بمائة ثم يقول ) مع علمه بها لعالم بها ( بعتك بما اشتريت ) [ ص: 428 ] أي : بمثله ولمبادرة فهم المثل في نحو هذا لم يحتج فيه لذكره ، ولا نيته ( وربح درهم لكل عشرة ) ، أو فيها ، أو عليها ( أو ربح ده ) بفتح المهملة ، وهي بالفارسية عشرة ( ياز ) واحد ( ده ) فهي بمعنى ما قبلها فكأنه قال بمائة وعشرة فيقبله المخاطب إن شاء وآثروها بالذكر لوقوعها بين الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم في حكمها كما علمت ، ولا يصح ذلك في دراهم معينة غير موزونة كما يأتي بل في أحد عينين اشتراهما بثمن واحد وقسط الثمن على قيمتهما وقت الشراء [ ص: 429 ] ولا يقول اشتريت بكذا إلا إن بين الحال ودراهم الربح حيث أطلقت من نقد البلد الغالب وإن كان الأصل من غيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بمعنى ما قبلها ) ؛ لأن معناها ربح العشرة واحد لكل عشرة ، وحاصله : ربح كل عشرة واحد ( قوله : لوقوعها بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلخ ) عبارة شرح العباب وما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنهما كانا ينهيان عن بيع ده يازده وده دوازده بفتح الدال في الكل ويقولون : إنه ربا معارض إلخ ا هـ ونهيهما عن ذلك المخصوص لا ينافي نهيهما عن المطلق فقوله : وآثروها إلخ لا ينافي قوله السابق مطلق المرابحة ، وذاك قد قال فيه إلخ ( قوله : واختلافهم ) أي : الصحابة في حكمها كما علمت أي : فيما سبق ، وفيه بحثان : الأول أنه لم يعلم مما سبق اختلاف الصحابة ؛ إذ مجرد النقل عن ابني عمر وعباس لا يقتضي مخالفة غيرهما لهما إلا أن يجاب بأنه يشعر بذلك ، أو بأن الضمير في قوله واختلافهم للعلماء ، والثاني : أن الذي علم مما سبق حكم المرابحة على الإجمال لا خصوص صيغة ده يازده ، والكلام في خصوصها ؛ لأن الكلام في توجيه إيثارها إلا أن يجاب بأن المراد أنه علم اختلافهم فيها في ضمن العلم في اختلافهم في المطلق ، وفيه أن مجرد هذا لا يصلح لتوجيه الإيثار .

                                                                                                                              ( قوله : غير موزونة ) عبارته فيما يأتي غير معلومة الوزن ( قوله : كما يأتي ) أي : في شرح قوله : فلو جهله أحدهما بطل - [ ص: 429 ] على الصحيح ( قوله : ولا يقول : اشتريت بكذا إلا إن بين الحال ) أي : بخلاف ما لو باع بلفظ قام علي ، أو رأس المال لا يجب بيان الحال كما يصرح به عبارة شرح الروض وهذا بخلاف بعض عين الصفقة فإنه لا يجوز بيعه بلفظ الشراء ، ولا القيام إلا إن بين الحال كما بينه في شرح الروض ، وقد بسط الشارح في شرح العباب الكلام على الفرق بين المسألتين بما منه ما نصه ، ووجه الفرق أنه في البيع بقام علي ، أو برأس المال يفترق الحال بين جزء العين الواحدة ، وبين إحدى العينين ، وأما البيع بما اشتريت فهما فيه على حد سواء ، ويوجه ذلك بأن الثمن يتوزع على قيمتي العينين لاختلافهما المؤدي للنظر إلى قيمة كل على انفرادها ، وأنه لا نقص فيهما بالتشقيص فجازا نظرا لهذا التوزيع الذي لا يؤدي إلى نقص بيع أحدهما بقسطها بقام علي ، أو برأس المال لا على أجزاء العين الواحدة ؛ لأن أجزاءها تنقص بالتشقيص فلم يجز له أن يوزعها ويبيع البعض من غير ذكر كل الثمن بقام علي ، ولا بغيرها ا هـ وقد استثني في العباب من العين الواحدة المثلي كالحنطة ، وفيه ، وفي شرحه في هاتين المسألتين ، وما يتعلق بهما ما يتعين الوقوف عليه ، والله أعلم ( قوله : حيث أطلقت ) فإن عينت من غيره جاز



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من غير كراهة ) إلى قوله في أحد عينين في النهاية إلا قوله : ولا نيته ( قوله : بيع المساومة ) هي أن يقول : اشتر بما شئت ا هـ ع ش عبارة الكردي أي : المبايعة العادية بأن يطلب كل الاسترباح من الآخر مع قطع النظر عن العقد الأول ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإنه مجمع على حله إلخ ) يشعر بأنه قيل : بحرمة المرابحة ، ويصرح به قوله إنه ربا ولعل عدم الكراهة مع القول بالحرمة لشدة ضعف القول بالحرمة وليس القول بالحرمة مطلقا مقتضيا للكراهة بل يشترط قوة القول بها ا هـ ع ش ( وذاك ) أي : بيع المرابحة ( قوله : قال فيه ابنا عمر وعباس إلخ ) عبارة المغني وما روي عن ابن عباس أنه كان ينهى عن ذلك وعن عكرمة أنه حرام ، وعن إسحاق أن البيع يبطل به حمل على ما إذا لم يبين الثمن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بها ) أي : بالمائة أي : الاشتراء بها قول المتن ( بما اشتريت ) أي : أو برأس المال ، أو بمائتين ، أو بما قام علي ، أو نحو ذلك ، ولو ضم إلى - [ ص: 428 ] الثمن شيئا وباعه مرابحة كاشتريته بمائة وبعتك بمائتين وربح درهم لكل عشرة ، أو ربح ده يازده صح وكأنه قال : بعتكه بمائتين وعشرين ، ولو جعل الربح من غير جنس الثمن جاز نهاية ومغني ( قوله : أي بمثله ) أي : في المثلي أي : وبقيمته في العرض مع ذكره ، وبه مطلقا إن انتقل إليه على قياس ما تقدم في التولية والإشراك ا هـ حلبي قول المتن .

                                                                                                                              ( وربح درهم ) بالجر على العطف والنصب على أنه مفعول معه ، والرفع بعيد ا هـ بجيرمي ( قوله : هي بمعنى ما قبله ) أي صيغة ربح ده يازده بمعنى وربح درهم لكل عشرة كذا يفهم من سم والمغني ، وهو الظاهر وقضية كلام ع ش على م ر رجوع هي إلى لفظ ده عبارته قوله : بمعنى ما قبلها أي عشرة لا يقال : قضية هذا التفسير أن ربح العشرة أحد عشر فيكون مجموع الأصل والربح واحدا وعشرين ؛ لأنا نقول : لا يلزم تخريج الألفاظ العجمية على مقتضى اللغة العربية بل ما استعملته العرب من لغة العجم يكون جاريا على عرفهم ، وهو هنا بمنزلة ربح درهم لكل عشرة ، وكان المعنى عليه وربح ده ما يصيرها أحد عشر وسيأتي الإشارة إليه في المحاطة بقول الشارح م ر المراد من هذا التركيب إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فكأنه قال إلخ ) تفريع على قوله : هي بمعنى ما قبله ( قوله : وآثروها ) أي : ده يازده ا هـ ع ش عبارة سم قوله : لوقوعها بين الصحابة إلخ عبارة شرح العباب وما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنهما كان ينهيان عن بيع ده يازده وده دوازده بفتح الدال في الكل ويقولان إنه ربا معارض انتهى ونهيهما عن ذلك المخصوص لا ينافي نهيهما عن المطلق فقوله : وآثروها إلخ لا ينافي قوله السابق في مطلق المرابحة ، وذاك قال فيه إلخ ا هـ وقال الكردي قوله : وآثروها أي : آثروا المرابحة دون المساومة ا هـ ( قوله : واختلافهم ) أي : الصحابة ا هـ سم ( قوله : كما علمت ) أي : في قوله : وذاك قال فيه إلخ فإنه يشعر بذلك ، وفيه أن الذي علم مما سبق حكم المرابحة على الإجمال لا خصوص ده يازده إلا أن يجاب بأن المراد أنه علم اختلافهم فيها في ضمن العلم في اختلافهم في المطلق ، وفيه أن مجرد هذا لا يصلح لتوجيه الإيثار ا هـ سم باختصار ولعل لهذا رجع الكردي ضمير وآثروها إلى المرابحة كما مر ( قوله : ولا يصح ذلك ) أي : لا يصح بيع المرابحة إن كان الثمن دراهم معينة إلخ ؛ لأن المعاينة هنا لا تكفي ، وإن كفت في باب البيع والإجارة كما يأتي قبيل قول المتن وليصدق البائع وبل للترقي أي : بل لا يصح في أحد إلخ ؛ لأنه كاذب بخلاف ما لو قال قام علي بكذا فإنه يصح ا هـ كردي ، قوله : وبل للترقي إلخ يأتي آنفا عن سم عن شرح العباب ما يخالفه ( قوله : غير موزونة ) عبارته فيما يأتي غير معلومة الوزن ا هـ سم عبارة المغني والنهاية فلو كان الثمن دراهم معينة غير موزونة ، أو حنطة مثلا معينة غير مكيلة لم يصح البيع مرابحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كما يأتي ) أي : في شرح قوله : فلو جهله أحدهما بطل على الصحيح ا هـ سم ( قوله : ولا يقول إلخ ) أي : في بيع عينين إلخ مرابحة ( قوله : ولا يقول : اشتريت إلخ ) أي : بخلاف ما لو باع بلفظ قام علي ، أو رأس المال لا يجب بيان الحال كما يصرح به عبارة شرح الروض ، وهذا أي أحد عينين إلخ بخلاف بعض عين الصفقة فإنه لا يجوز بيعه - [ ص: 429 ] بلفظ الشراء ، ولا القيام إلا أن يبين الحال ، وقد بسط الشارح في شرح العباب الكلام على الفرق بين المسألتين بما منه ما نصه : ووجه الفرق أنه في البيع بقام علي أو برأس المال يفترق الحال بين جزء العين الواحدة وبين إحدى العينين ، وأما البيع بما اشتريت فهما فيه على حد سواء ، ويوجه ذلك بأن الثمن يتوزع على قيمة العينين لاختلافهما المؤدي للنظر إلى قيمة كل على انفرادها ، وأنه لا نقص فيهما بالتشقيص فجازا نظرا لهذا التوزيع الذي لا يؤدي إلى نقص بيع أحدهما بقسطها بقام علي ، أو برأس المال لا على أجزاء العين الواحدة ؛ لأن أجزاءها تنقص بالتشقيص فلم يجز له أن يوزعها ويبيع البعض من غير ذكر كل الثمن بقام علي ، ولا بغيرها ا هـ وقد استثني في العباب من العين الواحدة المثلي كالحنطة ، وفيه وشرحه في هاتين المسألتين وما يتعلق بهما ما يتعين الوقوف عليه والله أعلم ا هـ سم بحذف ( قوله : إلا إن بين الحال ) معناه أن يقول : اشتريته مع غيره ، وقسطت الثمن على قيمتهما ، وكان قسطه كذا ا هـ كردي ( قوله : ودراهم الربح ) إلى قوله : وهذا في النهاية ( قوله : حيث أطلقت ) فإن عينت من غيره جاز ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية